للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدواء الناجع لنهضتها هو امتثال أوامر الرب جل وعز واجتناب نواهيه والرضوخ لأحكامه.

فإذا كان التمسك بأصول الدين ينشئ للأمة قوة الاتحاد وائتلاف الشمل ويبعثها على اقتناء الفضائل وتوسيع دائرة المعارف وينتهي بها إلى أقصى غاية في المدنية فلم لا تسارع إلى ما يكون وسيلة لنجاحنا وذريعة لإعادة مجدنا ونتجافى عما يطوح بنا إلى هوة التقهقر.

لو جعلنا تاريخ الأمم مطمح نظرنا ونصب أعيننا لعلمنا أنه ما انقض صرح عز أمة. ولا انقلب عرش مجدها إلا التساهل في الدين واختلاف وشقاق. أو توسيد الأمور لغير أهلها وفي ذلك حيد عن سنن الله تعالى.

لو تأملنا في آيات القرآن واعتبرنا الحوادث التي أملت بالإسلام لوجدنا أن سببها ترك الأوامر والميل عن الصراط السوي واتباع الهوى وخطوات الشيطان ولا يظلم ربك أحداً.

نرجع إلى مداركنا ونصبر أخلاقنا ونلاحظ مسالك سيرنا هل نحن الآن متسربلون بسيرة الأسلاف الذين سبقونا الإيمان؟ هل فينا من يقتفي أثر العلماء ممن جاهدوا بأنفسهم وأموالهم في طاعة الله تعالى؟

كان من سيرتهم لتخلق بآداب الشريعة من استقامة الرأي وصدق القول وسلامة الصدر وصفاء الطوية والعفة عن الشهوات والحمية للحق والشفقة على عباد الله تعالى وهذا هو نتيجة التمدن الحقيقي. وأما سيرتنا الآن فلا يرتاب أحد أنها مباينة لما كان عليه السلف تبايناً جلياً.

هل تنفع حكمة أفلاطون وأرسطو؟ هل يغني طب أبقراط وجالينوس؟ هل تفيد هندسة إقليدس، وهيئة بطليموس مع الانحراف عن الدين والإعراض عن الحق. والأخذ بالصد عن الاقتداء بالقرآن العظيم، والعمل بسنة النبي عليه الصلاة والسلام! لا يتبادر إلى ذهن القارئ أن كلامنا هذا من قبيل التنفير عن الاشتغال بدراسة الطب والهندسة وغيرهما أو من قبيل ذمها وتثبيط الهمم عن تعاطيها كلا ولكن من باب التقريع لمن أقبل بشراشره على تحصيلها ونبذ علوم الدين وراءه ظهرياً، زعماً منه أنه بلغ بذلك نم الترقي في المدنية غاية لا مطلع للرغبة وراءها وأداه الجهل بأحكام الله التي شرعها وحدوده التي حدها إلى انتهاك حرمة الدين وارتكاب ما نهى عنه. وإلا فتلك العلوم في ذاتها لا ينكر عاقل أنها من جملة