الأسباب في ترقي النوع الإنساني ومن البواعث على تنوير عقله واتساع دائرة فكره.
نحن لا نذم علماً من العلوم لذاته لأن كل علم لا يخلو من منفعة أما في المعاد أو المعاش أو في الكمال الإنساني وإنما نذم بعض العلوم لأحد أسباب إما لكره مؤدياً لضرر بصاحبه في دينه وإما يكون المتعلم يقصد بالعلم أمراً فوق غايته.
فينبغي أن يكون للإنسان نظران يرمي بأحدهما إلى الدنيا في انتظام الشؤون وتحسين الأحوال، وبالآخر إلى الآخرة في استعمال الوسائل الموصلة إلى رضاء الله والفوز بما وعد به. خير رجال هذه الأمة من لا تشغله آخرته عن دنياه ولا دنياه عن آخرته.
فمن كان له قلب يفقه وعين تبصر وأذن تسمع وتتبع حوادث العالم يحكم حكماً لا يشوبه الريب بأنه ما حاق السوء بالأمة لا وكانت هي الظالمة لنفسها بما تجاوزت من حدود الله تعالى وانتهكت حرماته وانحرفت عن شرائعه.
لكن هذه الأمة المحمدية ما زال الخير فيها إن شاء الله ولا يزال إلى يوم القيامة كما جاءت الأخبار ودلت الآثار. وهذا الانحراف الذي نشاهده اليوم من بعض الناس والتساهل في الدين نرجو أن يكون من العوارض التي يحكم بسرعة زوالها خصوصاً إذا تداركتهم العناية والتوفيق ورجعوا إلى ما يأمرهم به ربهم وراجعوا علماء الدين المعروفين بالفقه والتقوى والاستقامة والصدق فأخذوا عنهم معالم دينهم وعلى العلماء الأتقياء أن يسارعوا إلى إرشاد الخلق بأداء ما عليهم من النصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين ويشمروا عن ساعد الجد بتذكيرهم بالمواعظ وآداب الشريعة المطهرة لعل الله يزحزح عن قلوبهم غيوم الأوهام ويشرح صدروهم لتلقي الأحكام التي لا يرتاب عاقل بأنها السبب الأقوى لترقيهم ذرى المجد وتنسمهم شاهق العزة والله نسأل أن يهدينا إلى سواء السبيل.