التراث على البناء فليس من المقاصد الدينية إذ هو أمر من الله يخص به من يشاء من عباده ينبغي أن تحسن فيه النية ما أمكن خوفاً من العبث بالمناصب الدينية والملك لله يؤتيه من يشاء. وعرض هنا أمور تدعو الضرورة إلى بيان الحق فيها. فالأول منها ما حدث في يزيد من الفسق أيام خلافته فإياك أن تظن بمعاوية رضي الله عنه أنه علم بذلك من يزيد فإنه أعدل من ذلك وأفضل بل كان يعذله أيام حياته في سماع الغناء وينهاه عنه وهو أقل من ذلك إلى أن قال فمقاصدهم أي الصحابة رضي الله عنهم في البر وتحري الحق معروفة وفقنا الله للاقتداء بهم الخ ومنه يعلم الجواب عن التهمتين الأولى والثانية وأما الجواب عما أسند إليه من أن الإمام الحسن رضي الله تعالى عنه مات مسموماً بإيعازه مما لم يصح بل الصحيح ما قاله العلامة الشبراوي في الإتحاف من أن يزيد بن معاوية هو الذي أوعز إلى جعدة بنت الأشعث زوجة الحسن رضي الله تعالى عنه أن تسمه ويتزوجها ففعلت وأرسلت إليه ليفي بالوعد فامتنع.
وأما الجواب عما ألصقه به من أنه أوصى ابنه يزيد إن ظفر بابن الزبير أن يقطعه إرباً وأنه أول من سب الإمام علياً كرم الله وجهه على المنابر فهو مما لم نجده في كتب المؤرخين من أهل السنة وليس مما تصح نسبته إلى مثل هذا الخليفة الكبير بل هو من مفتريات الشيعة وأكاذيبهم ولولاهم ما كان له ذكر في صحيفة الوجود فالواجب يقضي على المؤلف أن لا يدنس هذا الكتاب سيما وقد وضعه لناشئة المسلمين وأطفالهم بأمثال هذه الأقاصيص الموضوعة حرصاً على أخلاقهم وآدابهم فلا يحملهم على أن يعتقدوا بأعيان أسلافهم السوء بل الواجب على كل من رام جمع شيء من سير السلف وأخبارهم أن يتئد فلا يثبت إلا ما يوافق السنة ويجانب البدعة فللسلف رضي الله تعالى عنهم ميزة تامة على كافة من عداهم بشهادته عليه الصلاة والسلام.
بقي أن المؤلف ذكر من الوقائع التي صدرت زمن خلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه خروج شوذب الخارجي وعلق عليها تعليقاً حاد فيه عن سنن الشريعة الغراء ونسب إليها ما هي منه براء وخلاصة هذه القصة كما أوردها المؤلف (انه في سنة مائة من الهجرة خرج رجل يشكري اسمه شوذب ويلقب ببسطام في ثمانين رجلاً فكتب عمر إلى عامله بأن يدعهم وشأنهم ما لم يسفكوا دماً أو أفسدوا فإن فعلوا وجه إليهم رجلاً حازماً