إنا أذ استقرينا أحوال المسلمين للبحث عن أسباب هذا الخذلان لا نجد له إلا سبباً واحداً وهو الثور في التعليم الديني وها نحن بعد تشخيص الداء نشرع في بيان الدواء ونقصر كلامنا على المدارس لأن البحث بحث إصلاحها والله أعلم بالنيات.
المدارس الأميرية والمدارس الأهلية
ل مرية عندنا في أن ما أحدث حديثاً من المدارس الأهلية على قلته أشد عناية في الأمور الدينية من المدارس الأميرية وبيان السبب في ذلك مما لا يكلفنا به القراء على ما نعتقد شاهدنا فئة كثيرة من متخرجي المكاتب الأميرية ورصدناها في أمر الصلاة التي هي عماد الدين الإسلامي فإذا هي عن هذا الفكر بمعزل ومثل الصلاة وغيرها من الأمور الدينية.
يدخل الزائر أكبر هذه المكاتب فلا يكاد يشاهد من أكثر تلامذتها ما يشعر بتعظيم الدين والاهتمام بأوامره بل لو دقق النظر لرأى كثيراً من منكرات الشرع ومنافيات الآداب ما يجعله يعتقد بفساد الزمن الذي تكون تلك الناشئة رجاله.
كل هذا يجري مع أن الحكومة السنية قد عينت في كل مدرسة من مدارسها معلمين للقرآن الكريم والتوحيد والفقه الشريف وأئمة للصلاة وأوجبت على التلاميذ التخلق بالأخلاق الفاضلة وحظرت عليهم أتيان الفواحش والمنكرات وعينت لهم أستاذ للإرشاد والنصح وآخر ليؤمهم إذا حان وقت الصلاة فلم يبق إلا أن يلاحظ حضرة مدير المعارف النزيه تطبيق هذه المقررات بالعمل ومن أهم ما نلفت نضره غليه انتقاء المعلمين الأكفاء أصحاب الأخلاق الفاضلة الذين يؤثرون على التلامذة بأخلاقهم وعاداتهم وميولهم إذ لا يخفى ما لأعمال الأساتذة من التأثير العظيم في أفكار التلامذة علمنا كثيراُ من هؤلاء العمال المنبثين بين الأطفال برتب متنوعة ووظائف مختلفة ورقبناهم أمام الواجبات الإسلامية أمام الأخلاق أمام الصدق والعفاف أمام طهارة القلب أمام براءة الذمة أمام الجامعة العثمانية أمام الوطن والوطنية الخ رقبناهم أما ذلك كله فإذا هم وإياه ضدان أو نقيضان بل يحاول بعضهم أن يتعلم التلامذة من أعماله ويتخلقوا بأخلاقه لتمحى من قلوبهم تلك الشعائر الفاضلة والمآثر الطاهرة ويصيح التلميذ عدواً للصلاة والمصلين خصماً للصدق والصادقين لا وطنية يذب عنها ولا جامعة يلتف حولها يصبح وقد رضي عن نفسه بمسائل علمية تلقفها من أولئك الأساتذة المتفرنجين فأضحى يقول بقولهم ويدعو بدعائهم وفي اعتقادنا أن الأساتذة لو