يهتمون بإقامة الشعائر الإسلامية والفرائض الملية فيتوضئون جميعاً للصلاة قبل دخولها وقتها، ويصطفون وراء الإمام الذي عينته لهم الحكومة خاضعين خاشعين يركعون ركوعاً واحداً ويسجدون سجوداً واحداً الخ لرأينا التلامذة عموماً صغيرهم يسبق كبيرهم وكبيرهم يسبق صغيرهم إلى أداء هذه الصلاة التي هي من أعظم ما فرض الله تعالى على أتم حالة من الحضور والأدب مع الله تعالى مطبقين دروس الفقه التي علمهم إياها أستاذ الفقه تطبيقاً عملياً فتكون الصلاة مع ما فيها من الفوائد الدينية الدنيوية (أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) درساً عملياً محكماً لا يشذ عن ذهن الطالب منه مسألة البتة.
وكم يروج سوق الصدق يوم يعاقب الأساتذة التلميذ على الكذبة يكذبها ويكافئونه على مسألة يصدق بها. وهكذا سائر الآداب والأخلاق وبديهي أن التلميذ إذا نشأ هذا النشء الإسلامي وترى هذه التربية الدينية مع ما يتعلمه في المدرسة من العلوم النافعة والفنون الراقية يخرج عضواً نافعاً لوطنه ودولته وأمته.
طريقة التربية الدينية
يجب علينا أن نعنى بمسألتي التعليم والأخلاق فيلزم المعلم أن يجتهد في تربية نفوس الأطفال التي ينبغي السير عليها لتوجد فيها الملكات والصفات الفاضلة ويروضها على التباعد عن الرذائل حتى يكون المتحلي بمحاسن الصفات ناشئاً على ما يوافق الاجتماع البشري لا سبيل للمعلم إلى ذلك إلا من قبل الدين وآياته. فيجب عليه أن يملأ قلب هذا الطفل الساذج من خشية الله تعالى وتعظيمه وإجلاله وتوقيره بحيث يجل مقام الألوهية السامي فإذا ذكر اسم الله أمامه ارتعدت فرائصه خشية له سبحانه وهذا يكون إذا حمل المعلم الصبي على ملاحظة أن الله هو الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأنبت لنا به ما كان سبب حياتنا وأنه يبدأ الخلق ثم يعيده وأنه جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاً وهكذا يذكر له من حكم الله تعالى في مخلوقاته ما يضطره إلى الإذعان لسيطرة هذا الإله الكبير والاعتراف بكبريائه وعظيم سلطانه فيمتلئ حينئذ قلبه خشية وصدره رهبة ويمثل الأوامر ويقف عند الحدود.
أهمل معلمو مدارسنا التربية على هذه الطريقة الدينية والسير على هذه الخطة الشرعية فهم يأمرون الأولاد بالنظافة مثلاً ولكن لا يعلمونهم أن الشرع الشريف حث عليها يحرضونهم