فاجعلني اللهم من الشاكرين ومنهم من يتظاهر بالإصلاح الديني فيجعل من الدين ما ليس منه وينكر منه ما هو ثابت فيه ويغرر العامة فتارة يدعوهم للاجتهاد وأخرى يريدهم على أن لا يتوسلوا بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ومرة يطعن بالصحابة الكرام وعلماء الدين الأعلام وآونة ينقض أسس الدين فينكر الإجماع والقياس ويفسر الكتاب والسنة بما لا يرضاه الله ورسوله فهذا القسم أشد الأقسام ضرراً وأعظمهم خطراً وما الدافع له على ذلك إلا جهله المشين أو خدمة المبادئ الأجنبية لقاء وعد خلب أو مال يتقاضاه أجرة على تفريق المسلمين.
ومنهم من يرى الإصلاح بتقليد الغربيين فيدعو إلى التمثيل والخلاعة واللهو والفحش ويطلب الاقتداء بهم في الأزياء ورفع الحجاب وغير ذلك من الأمور الضارة ويترك ما للغريبين من الصنائع والمعامل والاختراعات والاكتشافات ويظهر للناس إن الأمم الغربية لم ترق هذا الرقي إلا بترك الدين الذي هو العقبة الكؤد في سبيل الترقي والنجاح على زعمه الفاسد ويحملهم على الاستخفاف بعلماء الدين ويلصق بهم التهم ويعرض بهم في الجرائد والمحافل لأنهم يحولون بينه وبين ما يريده من دفع الأمة في تيار الفوضى الأدبية والانغماس في الملذات الجسمية السافلة - ومنهم من ينفخ بالأمة روح العصبية الجسمية والنعرة القومية جاهلاً أو متجاهلاً نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الدعاء للعصبية - إن مسألة الجنسيات اليوم كادت أن تكون مسألة المسائل ولم يطرأ على الأمة شيء أكثر وأعظم ضرراً من هذه الفادحة التي إذا دامت تتزايد على هذه الصورة المزعجة تكون سبباً في تفريق جماعة المسلمين وفصم عرى الوحدة بين العثمانيين وبذلك يكون الداعون إلى هذه المسألة قد مهدوا السبيل للطامعين في البلاد وذللوا لهم الصعاب - إلا فليتق الله أولئك المفرقون وليعتبروا بما آلت إليه حال المسلمين من جراء تفرقهم واختلافهم وكيف وقعوا في شرك العدو فأذل رجالهم وأفقر بلادهم واضطهدهم في دينهم وعاداتهم.
هؤلاء الذين تقدم ذكرهم لا يبالون بالأمة ارتقت أو انحطت تقدمت أو تأخرت. وإنما يجرون حسب أغراضهم وأهوائهم التي سبق تفصيلها حتى إنا رأينا كثيراً منهم وخصوصاً الصحافيين يتقلبون في المسألة الواحدة مرات عديدة حسبما تدور مصلحتهم ويكون نفعهم. ويوهمون البسطاء من الناس أنهم إنما يريدون بهم خيراً وأنهم ساعون في تثقيفهم وتهذيبهم