قال فلابد من طرحها جميعها والأخذ بما علم ثبوته بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين ثم زعم مؤلف الرسالة أن الروايات المتقدمة تدل على إباحة المتعة ثم تحريمها مراراً عديدة وأن النهي ظاهر في التأسيس لا التأكيد الخ ما قاله. . . .
ونقول إما اعترافه بأنه لم يسمع في الشريعة بحكم نسخ ثم أعيد ولو مرة واحدة وأن تكرر النسخ تلاعب في الأحكام فهو دليل على عدم اطلاعه.
إذ قد ثبت تكرار النسخ في استقبال القبلة وأكل لحوم الحمر الأهلية كما هو معروف وأما قوله ما هذا إلا شأن المتقلبين إلى قوله قصد كل واحد منها تصحيح ما حرمه عمر إلخ. . ففيه أولاً أن عمر رضي الله عنه ليس هو الذي حرم المتعة بل إنما حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما علم مما بيناه وثانياً أن أهل السنة إنما يروون ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تحزب لرأي ولا انحياد لمذهب ولم يتعودا النفاق كما اعتاده بعض المبتدعة الذين لم يرقبوا في دين الله إلا ولا ذمة. فالقول بأن أهل السنة قصدوا تصحيح كلام عمر رضي الله عنه ما هو إلا افتراء عليهم إذ لو صح غير ذلك لرووه وبينوه. . . . وأما ما زعمه مؤلف الرسالة من أن أحاديث التحريم متعارضة متناقصة وأن النهي ظاهر في التأسيس لا التأكيد وأن الأحاديث تدل على الإباحة مرارا عديدة فهو زعم فاسد وفساده من وجهين الأول أن النهي لايقتضي سبق الإباحة بل قد يكون لرفع الإباحة السابقة وقد يكون لغير ذلك كالتأكيد ونحوه ويدل لذلك ماورد في كتاب الله عز وجل كقوله تعالى واشكروا لي ولاتكفرون فإن الكفر لم يكن مباحاً البتة ويدل له أيضاً ماأخرجه البخاري وغيره من حديث نفيع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قعد على بعيره بمنى يوم النحر في حجة الوداع وأمسك إنسان بخطامه أو بزمامه ثم قال أي يوم هذا فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال أليس يوم النحر قلنا بلى قال فأي شهر هذا فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال أليس بذي الحجة قلنا بلى قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه فبهذا الحديث الشريف يتضمن النهي عن انتهاك الدماء والأموال والأعراض ولاريب في أن ذلك كله كان معلوما تحريمه عند الصحابة رضي الله عنهم كما هو واضح فنهي النبي عليه الصلاة والسلام