الإنساني هو الملحوظ بالعناية المقصود بالكرامة. خلق لأمر عظيم ألا وهو عبادة الله وحده والإقرار بربوبيتهوالإذعان لأوامره ونواهيه ثم أنه تعالى من كمال العناية به قد خلق فيه القابلية لذلك وأشهده على نفسه فشهد بالربوبية لله قبل هذا الظهور. يعرف هذا ويؤمن به من يقر بأن القرآن كلام الله (ولا كلام لنا مع من يجحد القرآن أو بعض آياته) قال تعالى (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلا شهدنا) ولم تذل هذه الشهادة أي هذه الفطرة والقابلية مركوزة فيه حتى يبرز من عالم الخفاء وتلده أمه بهذا العالم عالم الظهور. فكل مولود يولد على الفطرة وهي الجبلة السليمة المتهيئة لقبول كل فضيلة فأل للعهد والمعهود تلك الفطرة (فطرة الله التي الفطر الناس عليها) إن الله تعالى خلق في قلوب بني آدم هذه القابلية كما خلق في أسماعهم وأبصارهم قابلية للمسموعات والمرئيات فلو تركوا على تلك القابلية وهذه الفطرة ولم يعرض لهم ما يصدمهم عن النظر الصحيح ونصب الأدلة الجلية على التوحيد وصدق الرسول لأدر كوادين الفطرة، دين الإسلام، دين الحق، ولم يختاروا إلا الملا الحنفية السمحاء، يدلك على هذا ما وقع في رواية البخاري في تتميم الحديث (كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها من جدعاء) يعني أن البهيمة تلد ولدها كامل الخلقة سليماً من الآفات فلو ترك على الأصل لبقي كامل الخلقة بريئاً من العيوب لكن تعرض له بعض الآفات والنقائص فتجدع أذنه، ويوسم وجهه، فيخرج عن الأصل وكذلك الإنسان يولد ظاهراً نظيفاً كاملاً شريفاً. مفطوراً على التوحيد والإذعان. مجبولاً على قبول الإسلام والإيمان. تناديه الفضائل من كل ناد. وتدعوه المعارف والعلوم بكل لسان. ولا يزال هدى شانه (حتى يعرب عنه لسانه) أي إلى زمان تمييزه وإدراكه (فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمحسانه).
الإنسان من أول نشأته معرض للآفات البشرية، وقد تأتيه البلايا وتصيبه الرزايا فمن يزعم أنه متفان في إيصال النفع إليه مجتهد في دفع الضير عنه لا بوان لهما أعظم المنة حتى يسعيا في نقض هذا البناء وتخريب هذا العمران.
يولد الطفل فتذوق أمه من ألم الولادة ما الله أعلم به، ويتحمل أبوه من ثقل الكدح في استحصال القوت والكسوة له سيما أن كان فقيراً ما يعدل ألم أمه زد على هذا ما ينالهما بعد ذلك بسبب معاناة التربية من أنواع العذاب. سهر ليالٍ. وقلق بال. أمراض مبرحة عوارض