مكرهين ولا إليها مضطرين ولا عليها مجبورين فقال الشامي وكيف ذلك والقضاء والقدر ساقانا وعنهما كان مسيرنا وانصرافنا فقال على ويحك يا أخا الشام لعلك ظننت قضاء حتماً لازماً وقدرا حاتماً جازماً لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب وسقط الوعد والوعيد والأمر من الله والنهي وما كان المحسن أولى بثواب الإحسان من المسيء ولا المسيء بعقوبة الذنب من المحسن تلك مقالة عبدة الأوثان وحزب الشيطان وخصماً الرحمن وشهداً الزرر وقدرية هذه الأمة ومجوسها أن الله تعالى أمر عباده تخييراً ونهاهم تحذيراً وكلف يسيرا ولم يكلف عسيرا ولم يرسل الأنبياء لعبا ولم ينزل الكتاب عبثاً ولا خلق السموات والأرض باطلاً ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار فقال الشامي وما القضاء والقدر اللذان ساقانا وكان مسيرنا بهما وعنهما فقال علي الأمر من الله بذلك ثم تلا قوله تعالى (وكان أمر الله قدراً مقدوراً) فقام الشامي فرحاً مسروراً لما سمع من المقال وقال فرجت عني فرج الله عنك.
إذا تبين هذا عرفت فساد ما يتقوله المتفرجون على الدين الإسلامي من أن الاعتقاد بالقضاء والقدر يقعد عن العمل، ويورث الفتور في العزائم وأنه السبب الوحيد في انحطاطو المسلمين والعقبة الكؤد في سبيل رقيهم.
تالله أنهم أعظموا الفرية وتجاوزوا واحد الاعتدال بتقولهم على الإسلام والمسلمين ما هم منه براء. إلا فليقصر هؤلاء المتحرضون على الدين الإسلامي ولينظروا على ما فعله المسلمون في زمن قصير ومدة يسيرة مع قلة عددهم وعددهم وكيف نهضوا نهضة لم يسبق لها مثيل في التاريخ حتى دخلوا الدول وقهروا الأمم وفتحوا البلاد وإذا والأكاسر وأرغموا القياصرة وكانت عقيدة القضاء والقدر من أكبر الأسباب الباعثة على أقدامهم واقتحامهم تلك المشاق العظيمة عقيدة القضاء والقدر أصل من أصول العقائد الإسلامية وركن من أركان الإيمان وهي من المسائل العظمى التي تستدعي إقامة الإنسان على منهاج الفطرة بالاستسلام إلى خالقه والرضوخ لأحكامه والرضا بتدبيره ولا يستقيم إيمان المرء حتى يعتقد من صميم قلبه اعتقاداً جازماً لا يعتريه شك ولا يشوبه تردد بأن الله تعالى قدر الخير والشر وأن جميع الكائنات بقضاء الله وقدره وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه عقيدة القضاء والقدر تطبع النفوس على الثبات والسكينة وتؤثر في القلوب