بهم وضربنا لكم الأمثال) وقال عز اسمه (ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون) قال بعض المفسرين يعني أن ضرب الأمثال زيادة في الإفهام وتصويراً للمعاني وتذكيراً ومواعظ لمن تذكر واتعظوا افترك هؤلاء المعطلون للسنن الإلهية ما أمر الله تعالى به من التدبر والتفكير فيما في القرآن من المواعظ ونسوا حظاً مما ذكروا به وجاؤوا بهذا التمثيل المنوط بذي البلادة كما تقدم التي تأباها أذواق هذه الأمة وذكاؤها يروضون الصبيان السذج عليه ليعتادوا من أول نشوهم عليها وعلى الكذب والحيل والافتراء والسخرية والغيبة وغير ذلك مما تقدم من الأوصاف التي ينيو عنها العقل والطبع وبهذه المناسبة تنقل عن العلامة الماوردي ما نصه (والثاني) أن المعجزة في كل قوم بحسب إفهامهم وعلى قدر عقولهم وأذهانهم وكان في بني إسرائيل من قوم موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام بلادة وغباوة لأنه لم ينقل عنهم ما تدون من كلام مستحسن أو يستفاد من معنى مبتكر وقالوا لنبيهم حين مروا بقوم يعكفون على أصنام لهم أجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة فخصوا من الإعجاز بما يصلون إليه ببداية حواسهم وهذه الأمة أصح الناس إفهاماً وأحدهم أذهاناً قد ابتكروا من الفصاحة أبلغها ومن المعاني أغربها ومن الآداب أحسنها فخصوا من معجز القرآن بما تجول فيه إفهامها وتصل إليه أذهانهم فيدركوه بالفطنة دون البديهة وبالروية دون المبادرة لتكون كل أمة مخصوصة بما يشاكل طبعها ويوافق فهمها بتصرف (الوجه الخامس) حدوث هذه المحرمات في محل أنشئ للطاعة لأن المدارس إنما أنشئت لتعليم العلوم الشرعية وللعبادة والطاعة فهي من البيوت التي إذن الله أن ترفع وبذكر فيها اسمه لا للملاهي والخلاعة فوجود مثل هذا المحرم في مثل هذا المحل جهل على جهل وظلمات بعضها فوق بعض هذا وإني أوجه خطابي إليك أيها المدير الكامل لأن حبي القديم محقق لديك ونصحي الخالص أقدمه إليك أن تخدم وطنك أحسن خدمة وتعنى بتربية تلامذتك تربية دينية وتخلقهم بالأخلاق الإسلامية كي تصلح الأحوال وتنجح الآمال (الفصل الثاني في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ويدل على ذلك كما قال في الأحياء بعد إجماع الأمة عليه وأشارت العقول السليمة إليه الآيات والأخبار والآثار أما الآيات فقوله تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف ينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) ففي الآية بيان الإيجاب فإن قوله تعالى ولتكن أمر وظاهر الأمر الإيجاب وفيها