نقول) ظاهر الكلام أن ابن عباس كان لا يرى بها بأساً بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم الخ. ونقول ليس في هذا الكلام ما يظهر منه أن علياً كرم الله وجهه نهى ابن عباس عن ذلك بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام فيمكن أن يكون هذا النهي إنما صدر من علي بعد غزوة خيبر وقبل فتح مكة ويؤيده سكوت ابن عباس وامتثاله لذلك يومئذ فقول مؤلف الرسالة لا يقال ذلك لأنا نقول الخ ممنوع إذ كون ابن عباس كان لا يرى بها بأساً بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لا ينافي ذلك لأنه يمكن أن يكون بعد ذلك قد أداه اجتهاده إلى إباحتها عند الضرورة. والصحابة رضي الله عنهم كان أكثرهم مجتهدين يختلفون في كثير من المسائل كما هو مشهور ومعروف ويصح تقليد كل واحد من المجتهدين الذين توفرت فيهم شروط الاجتهاد إلا إذا خالف سنة صريحة فعلى تقدير عدم رجوع ابن عباس عن ذلك لا يصح تقليده فيه حتى ولا عند الشيعة لأنهم يرجعون إلى مذهب علي عند المخالفة كما قدمناه وقد أثبتنا أن علياً كرم الله وجهه كان يرى تحريم المتعة. وما قاله مؤلف الرسالة من صدور الرخصة عند وقعة حنين لا يصح بل هو افتراء وكيف بلغ التهور بمؤلف الرسالة إلى أن عاب اجتهاد علماء الإسلام في أحكام شريعة النبي صلى الله عليه وسلم وجعل كلامهم كالأكل من القفا فليت شعري إذا وقف بين يدي أحكم الحاكمين وسئل عن ذلك فماذا يكون جوابه في ذلك الموقف المخوف الهائل الذي ترتعد فيه الفرائص وترجف منه الأفئدة وتخرس فيه الألسن. . . أما نحن فنمسك هنا عنان القلم عن الرد عليه ونسئل الله تعالى أن يكون خصمه عن أولئك العلماء الأعلام.
ثم نقل مؤلف الرسالة جملة من كلام الفخر الرازي وأجاب عنها بما لا يسمن ولا يغني من جوع إلى أن قال ما حاصله (وأما الاحتجاج) بقول عمر متعتان كانتا عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أنهى عنهما الخ فأجدر بأن يبكون حجة على الخصم لا له لأن فيه اعترافاً بأنها كانت مشروعة عَلَى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غير معصوم ولا حجية في قول غير المعصوم اتفاقاً وصراحة الكلام في ذلك لوجوه (أولاً) لظهور قوله كانتا عَلَى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (وثانياً) لقوله لنا أنهى عنهما بتقديم المسند إليه المفيد للحصر كما قرر في علم المعاني والبيان (وثالثاً) أنه لو كان النهي صادراتً من النبي صلى الله عليه وسلم لكان إسناده إليه أدخل في قبول الناس ثم ذكر مؤَلف الرسالة أن