تحريم المباح لا يستلزم التكفير وأن ترك النكير لا يوجب الكفر ولا يدل على الرضا ونقل إفتاء جماعة من الصحابة والتابعين بالمتعة وزعم أن ما نقله عن الفخر الرازي من قول عمر رضي الله عنه متعتان الخ حديث مشهور في كتب الفريقين مستدلاً عَلَى ذلك بوروده في بعض كتب التفسير ونحوها وبأن قاضي القضاة تكلف للجواب عنه ولم يطعن في سنده ثم قال فاتضح من مجموع ما تقدم أن المشروعية ثابتة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته بغير ناسخ ولا أقل من عدم ثبوت الناسخ وهو كاف أهـ.
ونقول أما مناقشته مع الفخر الرازي فلا حاجة إلى بيان خطأه فيها لأننا قد ذكرنا من الأدلة الصحيحة الثابتة ما فيه البلاغ. وكذلك ما ذكره في أن تحريم المباح لايستلزم التكفير الخ لم يبق داع إلى تفنيده وبيان ما فيه فتركناه اختصاراً.
وأما ما نقله من إفتاء جمع من الصحابة والتابعين بالمتعة فغير مسلم لأنه ثبت أن علياً كرم الله وجهه قائل بتحريم المتعة وعمران ابن حصين إنما صح عنه أنه كان يُنكر عَلَى عمر في منعه من حج التمتع كما قدمناه عن صحيح الإمام مسلم ولم نجد فيما أطلعنا عليه من كتب الحديث أنه جاء من طريق صحيح مسلم عن أحد من الصحابة القول بإباحة المتعة سوى ما نقل عن سيدنا ابن عباس في إحدى الروايتين عنه من القول بالإباحة عند الضرورة الشديدة وقد مر الجواب عنه ولو فرض صحة ذلك عن غيره نجيب عنه بأنه مخالف لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من التحريم المؤبد والأحاديث الصحيحة الناسخة للإباحة فلا يجوز الأخذ بما يخالفها. . .
وأما ما نقله عن الفخر الرازي من قول عمر رضي الله عنه متعتان كانت عَلَى عهد الخ فإنا لم نجده أيضاً فيما أطلعنا عليه من كتب الحديث ووجوده في بعض كتب التفسير ونحوها لا يقتضي صحته آحاداً فضلاً عن الحكم عليه بأنه مشهور كما أجبنا عنه قبل ذلك وتكلف قاضي القضاة للجواب عنه عَلَى فرض أنه لم يطعن فيه لايستلزم صحته أيضاً كما هو واضح. . فما أوهمه صنيع مؤَلف الرسالة من اشتهاره مع اعترافه بأنه لم يوجد في كتب الحديث التي اطلع عليها لا يعول عليه عَلَى أن هذا الحديث إذا فرضت صحته يكون دليلاً على المنع من المتعة لأن معنى قول عمر كانتا عَلَى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لايستلزم أن ذلك كان في جميع حياته عليه الصلاة والسلام بل المراد أن ذلك وجد في