نزيد الجواب توضيحاً فنقول أن التخنث الذي اشتملت عليه الرواية كما ذكره السائل حرام قطعاً بل عده ابن حجر في الزواجر من الكبائر لما رواه البخاري وأبو داود والترمذي عن ابن عباس رضي الله تعلى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وأما التزي بزي إفرنجة الإسبانيين بلبس القبعة البرنيطة فقد قال في مجمع الأنهر مانصه ويكفر بوضع قلنسوة المجوسي على رأسه على الصحيح إلا لتخليص الأسير أو لضرورة دفع الحر والبرد عند البعض وقيل أن قصد به التشبيه يكفر ثم أن الرواية هي محاكاة فعل الغير وكل ذي مرؤة وشهامة يكره من غيره محاكاة فعله وتقليده سيما على وجه قبيح شرعاً فقد انطبق عليها حد الغيبة قال في الدر المختار وكما تكون الغيبة باللسان تكون أيضاً بالفعل ومن ذلك المحاكاة كأن يمشي متعارجاً أو كما يمشي فهو غيبة بل أقبح لأنه أعظم في التصوير والتفهيم إذا علم هذا فيتحتم منع هذا التمثيل والحضور فيه سيما وأنه يدعو للميل إلى المرد خصوصاً في هذا الزمان الفاسد، الذي عمت وطمت فيه المفاسد، ومن أجل ذلك كره الفقهاء إمامة الأمرد الصبيح وأما ما ادعاه البعض وأطال فيه من مدح التمثيل وبالغ فيه حتى قال أنه ورد في القرآن العظيم والحديث الشريف الحث عليه واستشهد لذلك بقوله تعالى فاعتبروا يا أولي الأبصار وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق فقد حمل القرآن والحديث على غير محملهما فإنَّ المراد من هذه الآية الشريفة الاعتبار فيما نزل في الكفار وبالسبب الذي استحقوا به ذلك. وقال الأصوليون في الآية دليل على جواز القياس الذي هو إلحاق فرع لم ينص عليه بأصل منصوص عليه لا بالتمثيل المحرم وأما حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق فالمراد منها أخلاقه وخصاله وآدابه التي كان عليها صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى آله وسلم رزقنا الله التخلق والتأدب بها آمين.
يحيى القلعي
الجواب الخامس بقلم العلامة المحقق المفضال صاحب الإمضاء
باسمك اللهم وبحمدك، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسولك وعبدك، وعلى آله وأصحابه الفائزين بأسمى قسم من ثوابك ووعدك، أما بعد فلما رأيت البحث عن التمثيل بين أهل العلم جارياً عنَّ لي أن أكتب ما يتيسر لي فيه سائلاً من الله تعالى الإعانة على