إسبانيا وما جاورها من بلاد الإفرنج إلى نهر تورس وحولوا الاحتلال الموقت إلى السيادة الدائمة.
ثم لما ظهر ضعف بني أمية بعد ذلك واضطرابهم هان على الناس الخروج عن طاعتهم وتوفق العباسيون يومئذ إلى رجل فارسي يدعى أبا مسلم الخراساني فأنقذوه في طلب البيعة لهم في خراسان لبعدها عن مركز الخلافة فتوفق توفيقاً عجيباً حتى أدني الخلافة لبني العباس وسلم أزمتها إلى السفاح أول خلفائهم اعتمد العباسيون على جماعة من الفرس تظاهروا بالعدالة والاستقامة فاتخذوهم أنصاراً في عواملهم السياسية وأعلوا مراتبهم وأجلسوهم على منصة الرفعة والعز وكان الكثير منهم ليس من الدين في شيئ بل كان منهم طوائف ضالة مضلة كالمانوية والباطنية والإسماعيلية وغيرهم من الطوائف المارقة وهكذا إلى أن ظهرت المعتزلة وتفرقت الأمة المحمدية فأخذوا يضلون الناس ويدعونهم إلى اتباعهم والنأسي بأقوالهم وأفعالهم فظهر الإلحاد وفشت الزندقة وكثر الغى واستفحل الأمر فصدر أمر المنصور بتأليف كتب لإظهار شباتهم ودحض دعاويهم الباطلة.
كانت الأوائل من الصحابة والتابعين لسلامة عقائدهم وقلة الوقائع والاختلافات في زمنهم مستغنين عن تدوين على أصول الدين وفروعه أعني التوحيد والفقه فلما حدثت الفتن اختلاف الآراء والميل إلى البدع والأهواء وكثر جدال المبتدعه وتقووا بحيث لا يمكن زجرهم اشتغل علماء الدين بالنظر والاستدلال والاجتهاد والاستنباط وتمهيد القواعد وإيراد الشبه بأجوبتها وتعيين الأوضاع وتبين المذاهب. أول من أظهر الخلاف من فرقة المعتزلة وأصل بن عطاء وكان في مجلس الحسن البصري فقال رجل للحسن يا إمام زعم أناس كفر من فعل كبيرة وقال آخرون لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة فما الحق في ذلك فأطرق ملياً لينظر فأسرع وأصل بإثبات المنزلة بين المنزلتين وعقد له مجلساً وقال الناس ثلاثة (مؤمن، وكافر، ولا مؤمن، ولا كافر) فقال الحسن اعتزلنا وأصل ثم تعاظم الأمر لما عرب المأمون العلوم الفلسفية وكان طلبها من اليونان فضنوا بها فلم يزل حتى أرسلوها وخلطت تلك الشبه فكانت المعتزلة ينتحلون منها وذلك أن من قواعد الفلاسفة أن واجب الوجود لا يكون إلا واحداً من جميع جهاته أخذت منه المعتزلة نفى صفات المعاني ومن قواعدهم التأثير بالتعليل ونفي الاختيار بإثبات اللزوم أخذوا منه