ولسنا بحاجة إلى أنه نكثر من الأحاديث الشريفة الواردة في الحث على شدة الاعتناء بشأن الصلاة والمحافظة على أدائها وإنما نرغب في تنبيه بعض المؤمنين الذين يتهاونون بذلك لعلهم يعتبرون.
أيها المتهاونون بالصلاة، تهيئوا للعرض على الله وتزودوا لهذا السفر الطويل الذي أنتم إليه صائرون وقوا أنفسكم ناراً وقودها الناس والحجارة وحافظوا على آداب دينكم وتبصروا في أسرار شرعكم فإنما جاءكم به رسول عظيم أرسله الله رحمة للعالمين ولم يأمر صلى الله عليه وسلم بشيء عبث (وما ينطق عن الهوى) بل إنما جاء عليه الصلاة والسلام بشرع محكم تستحسنه الألباب وتقبله العقول.
إنَّ الصلاة من أعظم شعائر الإسلام وهي الروح لآداب هذه الحياة والينبوع الذي تنفجر منه صفات الكمال والأساس المتين لانتظام شؤون العمران ويترتب عليها كثير من المنافع الدنيوية والأخروية ولا سيما إذا أديت مع الجماعة في المساجد حيث يتعرف المسلم بإخوانه، ويطلع على أحوالهم فيسعف ضعيفهم ويأخذ بيد فقيرهم ويتعاون هو وإياهم على البر والتقوى.
وإن المسلم إذا كان محافظاً على صلاته لا ريب أنه يكون ممتثلاً لأوامر الله عز وجل مجتنباً لمناهيه، واقفاً عند حدوده، طامعاً في ثوابه، وجلا من سخطه مراقباً له في حركته وسكونه. وما أجدر من يكون متصفاً بهذه الصفات أن يصرف معارفه في رقي بلاده ويبذل غاية جهده في إصلاحها ويعمل لنفع إخوانه وينصح لهم ويحسن إليهم. وإذا كان الإنسان متهاوناً بأمور الصلاة التي هي أساس دينه مضيعاً لهذه الأمانة التي أمره الله برعايتها فلا يرجى خيره ولا يؤمن شره وإن نال نصيباً وافراً من المعارف والفنون.
ربما يقول قائل إننا نرى بعض المحافظين على الصلاة يخونون في بعض المسائل ويضرون إخوانهم، فنقول له إن هؤلاء على قلتهم لا بد من أن تنهاهم صلاتهم عن ذلك فيتركوا جميع الأمور الضارة ويتزينوا بحلية التقوى قال الله عز وجل (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا. على أنا لو دققنا النظر فيمن يتعمدون الخيانة والضرر لوجدناهم غير محافظين على الصلاة لأن الصلاة لها روح وشروط وأركان