للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وواجبات وآداب. ونحن نرى الكثير يخلون بذلك بسبب ما استولى على قلوبهم من الغفلة والانهماك في سفاسف الأمور التي لم يخلقوا لأجلها.

إننا نرى أناساً يقومون في الصلاة بأجسامهم وقلوبهم متفرقة لا يلاحظون عظمة الله عز وجل ولا يتذكرون أنه سبحانه ناظر إلى أفئدتهم عالم بما يختلج في صدورهم مطلع على ما تكنه ضمائرهم فهم الغافلون عن ذكر الله عز وجل المخالفون لأمره سبحانه قال تعالى (وأقم الصلاة لذكري) وقال تعالى (ولا تكن من الغافلين) وقال تعالى (ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي أوصاه (وإذا صليت فصل صلاة مودع) قال صاحب القوت أي مودع لنفسه مودع لهواه مودع لعمره صائر إلى مولاه عز وجل.

فكيف حالة المصلي إذا كان غير خاشع في صلاته ولا مستحضراً في قلبه عظمة الله تعالى الذي هو المقصود الأعظم والمبتغى المطلوب الأهم وما قيمة ذكره إذا كان من الغافلين وماذا يكون حظه من الصلاة إذا كان في عداد الساهين.

إننا نرى أناساً يصلون ولا يتمون الركوع والسجود ولا يعقلون ما يقولون وهم يحسبون أنهم محافظون على الصلاة مع أن صلاتهم باطلة مردودة عليهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجزي صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود وعن أبي عبد الله الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً لا يتم ركوعه وينقر في سجوده وهو يصلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو مات هذا على حالته هذه مات على غير ملة محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي لايتم ركوعه وينقر في سجوده مثل الجائع يأكل التمرة والتمرتين لا يغنيان عنه شيئاً.

وهنا نستلفت أنظار عامة المؤمنين لينصحوا إخوانهم ويعلموا الجاهلين منهم فإن الصلاة ليست مجرد قيام وقعود بل هي روح لحياة القلوب يقف العبد فيها لمناجاة خالقه ويقبل على مولاه بقلبه وفكره وسائر جوارحه مستحضراً لعظمة من يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته، متأملاً فيما جاء عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له ما الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه ثم يتمم العبد الصلاة خاشعاً مطمئناً في ركوعه واعتداله وسجوده فالصلاة إنما هي وصلة بين العبد وبين ربه تعالى يستنزل بها الرحمات، ويستدر بها

<<  <  ج: ص:  >  >>