الفيوضات، وإليك بعض ما كتبه في هذا الموضوع العالم الاجتماعي محمد فريد بك وجدي قال:
لما كانت الروح مستمدة وجودها من النور الإلهي مباشرة فلا يجوز لصاحبها أن يجعل جسمه الكثيف حجاباً غليظاً بينها وبين محتد حياتها بل يجب عليه أن يعرضها آناً فآناً لفيوضات ذلك النور الأقدس حتى تكتسب نشاطاً جديداً وتقوى على مصارعات مقتضيات الجسد فلا يكون له عليها سلطان كما هو شأنه عند كثير من الناس حتى صاروا إلى الحيوانية النازلة منهم أقرب إلى الإنسانية الكاملة.
ولذلك جاءت الديانة الإسلامية آمرة بالصلاة وهي ليست شيئاً سوى تخلية الفكر من الشواغل المترددة عليه والتوجه بالقلب إلى الله تعالى مباشرة توجهاً صحيحاً بتعطش تام لتتمكن الروح من قبول الإمداد القدسي مباشرة فتكتسب حياة جديدة طيبة تستطيع بها أن تكبح جماح شهوات البدن فترده إلى نقطة الاعتدال وتذوده عن موارد الضلال وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) وبناءً على هذا فالصلاة بالنسبة للروح يمكن تشبيهها بالغذاء بالنسبة للجسم.
ولما كان لا يجوز للإنسان بوجه من الوجوه أن يحرم جسمه من الغذاء حتى يموت جوعاً كذلك بل بالأولى لا يجوز أن يهمل روحه من غذائها الروحاني حتى تتغلب عليه صفات الحيوانية ويضارع الوحوش في صفاتها البهيمية فلا ينفعه بنطلونه المزركش ولا قميصه الملمع أهـ.
هذا ما نكتبه الآن للعاقل المؤمن فلعل المقصر يتدارك الأمر بالتوبة ويتهيأ ليوم المعاد وفي ذلك بلاغ لقوم يسمعون.