ساورتنا من جهة اللغات بفتح المدارس الأجنبية في بلادنا وتكبد النفقات الطائلة عليها وما ذلك إلا لنشر اللغات والعادات الأجنبية بيننا تسهيلاً لتحليل عناصرنا وروماً لتغيير آدابنا الإسلامية وخصائصنا القومية لما تقرر أن اللغة تؤثر في الآداب والأخلاق والعادات وهي العامل القوي في استمالة القلوب وجذب النفوس.
من هنا يرى المفكر البصير أن جميع ما اعترى المسلمين من الأدواء مثاره مداهمة الفتنة الغربية المنصبة علينا من سائر الجهات وهذه الأدواء كلها ليست في الحقيقة إلا إعراضاً تترآى للناظر في صورة الأمراض والعلل وهي ناتجة من داء واحد متأصل وهو داء جهل بإحكام دينها وأصول العقائد الحقة وعدم تمسكها بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثر سلفها الصالح وما دامت الأمة متلبسة بالجهل متساهلة عما يأمر به الدين الإسلامي فلا ينجع في معالجتها طب طبيب ولا يفيد في انتشالها من هاوية التأخر ترغيب ولا ترهيب فلا دواء لها إلا جمعها على العقائد الصحيحة وردها إلى الكتاب والسنة الذين في اتباعهما قوام حياتها وانتظام شؤونها وشفاء أسقامها ودواء أدرائها وجمع كلمتها المتفرقة ولم شتاتها.
روى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس في حجة الوداع فقال إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم ولكن رضي أن يطاع فيما سوى ذلك فيما تحتقرون من أعمالكم إني قد تركت فيكم ما أن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه.
في هذا الحديث دلالة ظاهرة على أننا ما دمنا متمسكين بالكتاب والسنة فلن يتطرق إلينا ما يهوي بنا إلى حضيض الخيبة والخسران ويدهورنا في متاهات التقهقر والخذلان.
وصفوة القول أننا أمة قامت بالدين واعتزت بالإيمان واليقين وفازت بما وعدها الله تعالى في كتابه من الاستخلاف في الأرض والعز والنصر والسعادة والنجاح. ومهما نبتغي العز والنهوض والفلاح بغير الوجهة التي أرشدنا الله إليها والطريقة التي أمرنا الله ورسوله باتباعها فيكون مجهودنا ضائعاً سدى وذاهباً عبثاً. وكل طبيب أراد أن يعالجنا من غير الوجهة الدينية التي هي رابطتنا الأصلية فلا يصادف دواؤه المرض الحقيقي ولا أعراضه الحقيقية فردنا إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أعظم دواء لاستئصال جراثيم