وتقصيرها من تقصيره (كما تكونوا يولى عليكم) إذا لم ترزق الحكومة شعباً ذا صدق في القول والعمل ذا أخلاق عالية ونفوس تأبى الضيم وأيد سمحى في جانب تعزيز قوته واسترجاع شرفه التالد فلا لوم عليها إذا قصرت في كل شيء.
لو دققت النظر وشرحت أحوال شعبنا لرأيته يرضى بالضيم والصغار ولا يسمح بدريهم في سبيل استعداد القوة. يرضى بالجهل والهوان ولايصرف من عمره سويعات يتعلم فيها الأخلاق الفاضلة أو شيئاً يرقي به أمته وشعبه ولو سئلت كثيراً من أفراده عن سبب تقصيره لقال لك دعنا من هذا الحديث وهيا بنا نذهب لمسرح رقص وجلس لهو لنفرج عن القلب الهموم فإن حكومتنا ضعيفة وشعبنا ليس راقياً هذا جوابه يأتي به وينسى أن ضعف حكومته وعدم ترقي شعبه إنما هو من وجوده ووجود أمثاله. لو كنا شعباً نجيباً وأمة راقية تخشى العواقب وتغار على شرفها وتسعى وراء تعزيز قوتها وتحافظ على آداب دينها لما نظرنا إلى تقصير الحاكم بل إلى نشطنا همته وعملنا على مصلحته التي هي مصلحتنا بالحقيقة وسعينا في تأليف الجمعيات لجمع الإعانات وتوسيع نطاق المعارف واخترنا رجالاً صادقي اللهجة والنية أمناء نزهاء لا شغف لهم بحب الذات والفخفخة الفارغة وأسندنا إليهم أمورنا العامة وعملنا على ترك الشقاق والنفاق والتخاذل والتحزب واعتقدنا أننا جسم واحد كلمتنا واحدة فإن وجدنا كلمة حق سمعناها من أي حزب كان وإن وجدنا كلمة باطل نبذناها وراء ظهورنا ولو كانت من أكبر رجال قومنا. إن عملنا على ذلك لا يمضي زمن قليل إلا ونحن أمام الدول ارتقاء وأعلى الأمم نجابة وهناءً فنسألك اللهم أن توفقنا لما فيه صلاحنا ورضاك وأنت بالإجابة جدير وعلى كل شيء قدير (يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجرحكم من عذاب أليم).