للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترى من سمو الأصل، ومتانة القواعد، وعلو المبادئ واستقامة المقاصد.

كما تكلنا قلتم خلطوا الدين بالسياسة ورميتمونا بالشطط عن موضوع البحث والله يشهد أنكم الخالطون الخابطون، الشاذون الشاطون. ما ذنبنا أيها القوم إن كنتم قد نبذتم دينكم فجعلتموه قاصراً على معاهد العبادة لعدم صلاحيته لقيادتكم قيادة جماعية واتخذتم مكانه مبادئ وضعية اصطلحتم على قبولها فيما بينكم ورأينا نحن أن ديننا أرقى مرمى وأعلا مقصداً وأبعد غاية من أي تعليم وضعي فنشدناه كما تنشد الضوال، وطلبناه كما تطلب الآمال. أذنبنا أننا لم نتبعكم في ترك الدين وجعله قاصراً على المعابد، مثله كمثل العاديات من بقايا الأقدمين؟ إن كان الأمر كذلك فذنبكم في نظرنا أنكم لا تتبعونا فيما نحن فيه على ما بيننا من الفرق الشاسع في المذهبين، أنتم تطالبوننا باتباعه تعاليم وضعية حشوها الأحقاد المختمرة، والأكاذيب المزخرفة، ونحن ندعوكم إلى سياسة أفاضها على الناس الوحي، وجلاها لهم الحق، ودلهم على أنها أوضح مناهج الحياة، وأعدل موازين الأعمال وأكرم مقادير النفوس، بما بسط لمتبعيها من نعمة الكمال الصوري والمعنوي، وعزة الوجود السياسي الاجتماعي.

تدعوننا لعدم خلط الدين بالسياسة ونحن ندعوكم لفهم هذا الدين أولاً إن كنتم تريدون بنا خيراً وإلا فإن كانت دعوتكم هذه لتذهلونا عن سبب وجودنا وتحولوا بيننا وبين روح استقلالنا فهي لا تزيدنا إلا تشبثاً به، ولصوقاً فيه. ليت الذي يرموننا بالخلط بين السياسة والدين يعرفون ما الإسلام والمسلمون ليكون كلامهم عن بينة لو كانوا منصفين أما إلقاء الكلام على عواهنه والاكتفاء بتقليد الأوروبيين في لهجتهم بهذا الصدد مما نرده عليهم ليمحصوه ثم ليثبتوه أو ينفوه.

الإسلام (عهد اجتماعي) أخذه الله على طائفة من الناس سماهم المسلمين عاهدهم به على التبري من العقائد الباطلة والتقاليد والأوهام، والاستسلام لله خالي الذهن من كل شائبة خيال ليخلص به ما بين الإنسان وربه وينجو الإنسان من أدران الوارثات الباطلة، والتقاليد الضارة، ويتجلى أمام الله رجلاً كما خلق لا كشكول عوائد وأوهام وتقاليد كما أراد هو أن يجعل نفسه ثم عاهدهم على مكارم الأخلاق ومحامد الصفات والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وهجر الإثم ما ظهر منه وما بطن، والعدل والحرية والمساواة واحترام الحياة

<<  <  ج: ص:  >  >>