الإنسانية والحيوانية والصدق والمانة والإخلاص الخ ما هنالك من الصفات العالية. وليس الإسلام هو مجرد العبادة كما يريد أن يفهموا مقلدوا الأوروبيين من كتاب الشرق هذا اليوم. هذا العهد هو الإسلام وقد عاهد به النبي صلى الله عليه وسلم جميع من دخل في ملته يداً بيد وسماهم المسلمين. فالمسلمون هم طائفة من النوع الإنساني جمعهم (عقد اجتماعي) ظاهر المبادئ والمقاصد لتكون عصابة تحق الحق وتزهق الباطل وتؤيد دولة الله في الأرض، تنشر المعروف والعدل والحرية في جميع أرجاء العالم، شعارها قوله تعالى (يا آيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) من يذكر من حملة العلوم الاجتماعية أن الفيلسوف وسفرص قال أن أول اجتماع للناس إلى أمة لم يتم إلا بواسطة عقد اجتماعي فرده العلماء لبعده عن العقل يتعجب من أن نظريته هذه قد تحققت في اجتماع المسلمين إلى أمة بواسطة الإسلام وهو عقد اجتماعي تام الشرائط كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الناس لمبايعته يداً بيد كما دل عليه تاريخ الإسلام.
هذا هو الإسلام وهؤلاء هم المسلمون فنحن أيها الكاتبون الخابطون أمة لا رابطة لنا إلا (عقد اجتماعي) هو الإسلام. فالإسلام بهذا الاعتبار يجب أن يسود على جميع أعمالنا السياسية والاجتماعية إذ لا يكون لوجودنا معنى ولا لرابطتنا تأثير إلا بسيرنا على مناهجه وتذكير بعضنا بعضاً بمبادئه وأصوله.
والفرق بيننا وبين الأمم النصرانية أن المسيحية جاءتهم وهم أمم ذات مدنية وشخصية قائمة بذاتها، وتقاليد حكومة قديمة، ونظامات سياسية موروثة، فلا يضرها أن تفصل ما بينها وبينه في شيء. أما نحن فإن فصلنا الإسلام عن وجودنا السياسي والاجتماعي فقد نقصنا هيئة اجتماعية ولا شينا علة وجودنا فأصبحنا على غير شيء لأننا لا نعتبر أمة مسلمة بمحض تأدية العبادات الجسمية فإن تلك العبادات هي أركان الإسلام. أما روح الإسلام فهي تلك التعاليم التي طولبنا أن نتحلى بها في جميع محاولاتنا الاجتماعية والسياسية. وقد اختلط تاريخنا بتلك التعاليم وارتبط بها نظامنا العائلي والشخصي وقم كيان مزاجنا حتى أصبح الفصل بيننا وبين الإسلام من المجادلات البعيدة التحقيق.
ليس أمام المسلمين إلا أحد أمرين لا ثالث لهما، فإما أن يتحققوا بالأدلة المحسوسة أن الإسلام دين باطل وأن أصوله لا توافق العقل ولا الترقي فيتركونه ويتمسكون بأصول