للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدنية الجديدة، وأما أن يرجعوا إلى أصوله فيكونوا مسلمين بكل معاني الكلمة كما كان آباؤهم من قبل. ونرى أن بقاء المسلمين بين هذا وذاك من رابع المستحيلات بل هم قد شعروا الآن بأن موقفهم بين هاتين الحالتين مما أفقدهم أو كاد. فإما الاستدلال على أن الإسلام دين باطل فرابع المستحيلات لأن الوجود أصبح اليوم كله ألسنة شاهدة بصحة الإسلام أصولاً وفروعاً وقد أحس المسلمون بذلك فازدادوا ميلاً لدينهم وحباً فيه.

بقي الأمر الثاني وهو رجوعهم إليه وتأدبهم بآدابه وهو الأمر الممكن بل المحقق الحصول عليه فالذين يزعمون أننا نخلط بين الدين والسياسة لا يعرفون من الإسلام إلا أنه دين ويجهلون أو يتجاهلون أنه رابطة أصلية لأمة تبلغ الثلاثمائة (مليون) نسمة منبثة في جميع أرجاء الأرض لو قوي شعورها بحقيقة رابطتها الاجتماعية لكونت دولة من أفخم دول العالم ومدت نفوذها على جميع أرجاء الأرض كما كانت قبل قرون.

يسوء هؤلاء الكتاب المقلدون أن نخلط سياستنا بالدين! فيا ليت شعري ألسنا أمة لنا الحق في أن نضع سياستنا على أي مبدأ شئناه؟ ألسنا أحراراً في أن نلبس محاولاتنا الثوب الذي يلائمها؟ ألسنا أعلم منهم بما يضرنا وينفعنا؟ يقولون نحن نتشائم من خلطكم السياسة بالدين لأننا ننافيكم فيه. نقول لأجلِ أنكم تنافونا فيه نهجر ملتنا ونخرج عن تقاليدنا ونتقمص روحاً لا تلائم روحنا ولا تتفق مع رابطتنا؟

إنكم تظنون أن الإسلام بصفته ديناً يدعو إلى جائرة، وكلنا نؤكد لكم بأنه من هذه الجهة أرقى من أية وطنية في الأرض. الإسلام أمرنا بمسالمة أهل الذمة وبالقسط معهم، والبر بهم وبمساواتهم بنا أمام القضاء، وبحمايتهم والدفاع عنهم، فأرني أية وطنية في الأرض تقف والإسلام في مستوى واحد من هذه الجهة. الإنكليز يكرهون الكاثوليك ولا يولونهم المناصب العالية ولا يأتمنونهم على أمرٍ، هذا بصرف النظر عن المجائر المريعة التي قامت بها هذه الأمة في مدة تاريخها. أرني هندياً أو مورانياً أو كندياً أو بربرياً في البرلمان الإنكليزي؟ أليست هذه الفروق منشؤها أن الوطنية الإنكليزية لا تأمن من إلا الإنكليزي السكسوني ولا تأبه إلا به دون غيره، أرني أية وطنية في الأرض ساوت بين المتشاركين فيها من ذوي الألوان والأديان وأنا آتيك من الإسلام بأعلى مثل وأفحم برهان فلا يزعجنكم أن ندعو أمتنا إلى رابطة الإسلام فو الله لا ندعوها إلا لمنتهى الكمال وغاية الجمال، فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>