للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معرفة مفرداتها ودقائق معانيها وإذا أردتهم على أن يعبروا عن معنى من المعاني المرادة لهم بلغتهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.

ثم تراهم يعرفون من تاريخ نابليون وواشنطون ملا يعرفون من تاريخ الخلفاء الراشدين وملوك الإسلام العادلين. وإذا عرفوا شيئاً من ذلك يأخذونه صورة مشوهة وقضية معكوسة بما عملت به أيدي التحريف والغايات وتراهم إذا ذكر العدل يتلون لك من عدل إنكلترا مثلاً ما يظنونه غاية الغايات ولو سبروا سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وما كانوا عليه من العدل والإنصاف وغير ذلك من الأخلاق العادلة لرأوا بها ما يستصغرون معه ملوك الفرنجة وأخلاقهم وعدلهم.

وكما أولع ذلك التلميذ باللغة الفرنساوية مثلاً يولع بمدنية فرنسا وبباريس عاصمة الفرنساويين فلا يفتأ يذكر معارف فرنسا وعلومها ومدنيتها وأخلاقها وإن كان منها مالا يلتئم مع الشرف ويندى منه وجه الإنسانية خجلاً وربما خال الفاسد من الأخلاق غاية في المدنية والحضارة وذلك لأن حبها وإعظامها ملك عليه مشاعره فلم يبق للفكر معه مجال وعلى العكس ترى محبته لوطنه الذي تربى به هو وأسلافه فإنه بفضل دسائس مؤدبيه ومهذبيه يصبح مبغضاً له كارهاً البقاء فيه طالباً البعد عنه ولو فارق أهله وأقاربه ولو اغتالت وطنه يد أجنبية وقضت على حياة شعبه واستقلاله وثروته لوجدته قرير العين منشرح الصدر.

وفي الختام نسأل الله أن يحفظ المسلمين من غوائل هذه المصيبة الفادحة ويلهم أهل العلم والدين أن لا يدعوا مجالاً لتوسيع نطاقها وأن لا يفتئوا يذكرون مضارها الدينية والأخلاقية علَّ الأمة تنتبه من رقادها فلا تعمل على خراب بيوتها. والسلام على كل عامل بإخلاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>