وهاهي جيوشهم المنصورة على قلة عددهم وعددهم لكم بالمرصاد وأمام عيونكم متهيئين لقتالكم بقلوب تزول من ثباتها الجبال وتزلزل من هيبتها أفئدة الأبطال. وهاهم أناة الليل وأطراف النهار في انتظار ظهوركم من وراء الحصون والجدران فإن كنتم رجالاً أكفاء لقتالهم فهموا إلى النزال حتى ترى أيها الجنرال (إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار)(ويعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) وإن كنتم قادرين على حرب أبطال الجيوش العثمانية حسبما زعمت فهذه بحمد الله جنودها وجيوشها المظفرة وقد أحاطت بقارة أوروبا إحاطة السوار بالمعصم ومنها دولتكم الضئيلة الكئيبة ومن لم يستطع مكافحة شرذمة من جنودها وهي على مقربة ساعة منه كيف يتجارى على حروب الملايين من تلك الأسود الضارية التي شهدت بنجدتها الآفاق وملأت شهرتها السبع الطباق وإن كنتم عالمين بعجزكم وعدم قدرتكم فارجعوا بخفي حنين واقنعوا من الغنيمة بالإياب وصفوة القول أننا نعلم أن لكم بلاداً واسعة وشعوباً جائعة وكلاهما في حاجة إلى التهذيب والإصلاح وسد الرمق بالشرور والسفاح فالواجب عليكم أن تصرفوا همتكم في إصلاح قومكم واستثمار أراضيكم وافتحوا لهم أبواب خزائن الذهب الذي توعدوننا بفتحها من البحران ذلك أولى بكم من تعديكم على حقوق الغير وإن كنتم لم تصلحوا قومكم وهم من جنسكم ودينكم فكيف يتأتى لكم إصلاح قوم لا تجمعكم بهم صفة من الصفات ولا جامعة من الجامعات وهب أن الطلياني خلق من الذهب ونحن خلقنا من التراب وأنه يمشي على رأسه في السماء ونحن نمشي على أرجلنا في الأرض فماذا يريد منا إذا رفضنا معاملته وقمنا بطرده كما نطرد الهوام ولم لم يصرف مواهبه في بلاده ويجعل براكينها تقذف ذهباً وأرضها تنبت تبراً وسماءها تمطر درّاً بدلاً من أن يجوب القفار ويجوس خلال الديار الأبلغ ملك إيطاليا بأن الزوايا السنوسية هي أكبر معضد للدولة العلية لارتباطها بمقام الخلافة الإسلامية وأن مشايخها هم قادة الجيوش وهم القائمون بنصرة الدين وجمع أفئدة المجاهدين وأنهم ليسوا في حاجة إلى معاونتكم وما العشائر والقبائل إلا مهتدية بهديهم ومستنيرة بنورهم ومرتبطة بهم فالزوايا هي مهبط التجليات الإلهية ومحط رحال وفود الأمة الإسلامية ومدارس مكارم الأخلاق الدينية والآداب الفطرية ومجمع الشعوب البدوية فهم يغشونها بالعشي والبكور كما تغشى ملائكة الله البيت المعمور فليخسأ علم الطليان المثلث الألوان الذي هو علامة الشرك