طرابلس الغرب فضلاً عما يقع منكم كل يوم ببني غازي من قتل الأنفس وهتك الأعراض واتخاذ المساجد حانات أو مواخير للموبقات فهل هذا العمل يعد من العدل والرأفة بالمسلمين أم من جملة احترامكم للدين الذي تستشهدون بآياته أم هو عمل الظالمين المعتدين ثم أردتم بزعمكم الفاسد أن تموهوا على سخفاء العقول بما أوردتم من النصوص والنقول ومنها جرأتكم على ذكر الآيات الكريمة وهي قوله عز وجل (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) الآية فيا أيها الجنرال إن هذه الآيات هي دلائل وبنيان وبراهين ومعجزات على وجوب قتالكم على آخر رمق من الحياة فكيف تستدل علينا بها وأنتم الذين اعتديتم علينا وزحفتم بخيلكم ورجلكم وأساطيلكم تقاتلونا لتخرجونا من ديارنا فقتلتم أبناءنا واستحببتم نساءنا ألستم أنتم الذين استوليتم على بلادنا ظلماً وعدواناً وقتلتم منا ألوفاً من النفوس البريئة والنساء المخدرات والأطفال المعصومات حتى ملأتم بجثثهم مساجد طرابلس وجوامعها وهاهي خمسة أشهر وأنتم تصوبون سهامكم وبنادقكم ومدافعكم لحربنا وقتالنا وإفناء أرواحنا فمن الذي يلزم أن نقاتلهم غيركم ومن الذي اعتدى علينا سواكم فهل نحن زحفنا على بلادكم واعتدينا عليكم أم أنتم الظالمون المفترون ثم لا يخفى على علمك أن الدولة العلية أيدها رب البرية هي دولة الخلافة الإسلامية هي تلك الدولة التي وقفت بين عشرين دولة مسيحية وقابلت الحروب الصليبية مدة تزيد عن ستمائة عام وهي التي حاربت أعظم الدول نحواً من سبع وأربعين مرة ولم تنكسر لها راية وهي المحافظة على الحرمين الشريفين وهي التي لم تستعن في جميع حروبها إلا بسواعد أبطالها وعزماتهم المعقودة الأطراف وهي التي زلزلت صروح الكرة بشدة بأسها وهي هي التي لم تزل حافظة لكيانها رغم أنفك أيها الجنرال وإن النفوس مهما تدحرجت في دركات الإدراك فإنها تشعر باحترام هذه الدولة العلية سواك ولا نستغرب إنكارك لهذه الحقائق التاريخية بما أسدله الحقد والحسد على بصرك من الحجب المغشية كما قيل:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ... وينكر الفم كعم الماء من سقم)
فهلا يندهش الناس وتفيض صدورهم بالغيظ وتتساقط من أفواههم اللعنات على أم ناصيتك حينما تقع الأعين على قولك أيها الجنرال عن أبطال الأتراك بأنهم هربوا من القتال