منها الأبدان وتشيب من هولها الولدان وأن ما تتبجح به من الاستشهاد في مرسومك بآيات الله تعالى لم يكن قصدك منه إلا التغرير والخديعة والمكيدة والوقيعة كما يشهد بذلك القرآن في قوله جل علاه في أمثالكم (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون) فكيف يحترم الطليان ما لا يعتقدونه من الكتب المقدسة أليست الطليان هي التي ارتكبت دنأة القرصان وشناعة اللص الجبان باعتدائها على أملاك دولة الخلافة الإسلامية؟ أليس هي التي غررت رجال الحكومة العثمانية بزخرف القول ودعاوي الصداقة الكاذبة حتى أخلت الديار ومنعت ورود الجيوش والمهمات ليخلو لها الجو وكانت كما قال الشاعر:
وإذا ما خلا الجبان بأرض ... طلب الطعن وحده والنزالا)
فالدولة التي لم تحترم العقود ولا المعاهدات هل تحترم الدين والآيات فمهلاً مهلاً معاشر الطليان فإننا لم نكن أقل حمية وشجاعة من أولئك الحبش الذين ساموكم سوء العذاب ورجعتم من بلادهم بخفي حنين راضين من الغنيمة بالآيات نحن نفتخر دائماً بأننا أولاد ولاية الدولة العلية قد جدعوا أنوف المعتدين وسحقوا رؤوسهم تحت سنابك الخيل وقضوا على دولتكم الخاسرة بعد أن عصروها عصراً وأروها النجوم ظهراً فأصبحت خزائنها المالية أنقى من هامة الأصلع وبواخرها الحربية والتجارية تجاري في سرعتها الضفدع، فهي عبارة عن مجموعة أخشاب قد رتع السوس فباض وفرخ واعتراها الدمار وكتب وأرخ، وقد أفلست معاهدها التجارية، وتلاشت تجارتها العمومية وغدا شعبها في أشد حالات الفقر المفضي إلى حدوث ثورة مدهشة ستمتد في جميع أرجاء إيطاليا فأين ذلك مما نحن عليه من القوة والسطوة والثبات والنخوة وتوفر أسباب المعيشة فضلاً عن المؤن المخزونة وكنوز القناعة المكنونة سيما وقد أخذت الأرض زخرفها وازينت وأنبتت من كل زوج بهيج ولدينا بحمد الله من المهمات والمعدات ما تكفينا عشرات السنين مع أن العرب لا تهتم بمسائل المأكل والمشرب ولا تتأنق في الملبس ولن يروقنا إلا ما نشأنا عليه من التقشف والبداوة بخلافكم معاشر السنانير فإنه يعز عليكم أن يجرح النسيم أيديكم الناعمة ويأكل الثرى ملابسكم الزاهية وتستعيضوا عن البالونات والتياترات بهذه الصواعق المزعجات ثم أليس من الحماقة أن توهمنا أيها الجنرال بعدل إيطاليا بعد الذي تناقلته صحف الكائنات عن فظائعها الوحشية في جميع القارة الإفريقية خصوصاً ما وقع منكم في