السوية وإخراج البعض منها بمخصص لا يقتضي إهمال دلالة اللفظ على ما بقي ولا يرفع التعبد به وقد ثبت عن سلف هذه الأمة ومن بعدهم الاستدلال بالعمومات المخصوصة وشاع ذلك وذاع وقد قيل أنه ما من عموم إلا وقد خص وأنه لايوجد عام غير مخصص فلو قلنا أنه غير حجة في مابقي للزم إبطال كل عموم ونحن نعلم أن غالب هذه الشريعة المطهرة إنما تثبت بعمومات أهـ ولنرجع إلى ما نحن بصدده فنقول ويمكن أن يستأنس له بحديث قوموا لسيدكم أو إلى سيدكم فإن فيه الأمر للمخاطبين بأن يقوموا إلى سيدهم فسيد الكل سيد ولد آدم ولا فخر أولى وأحق من هذا. فإن قيل لم استأنست به ولم تجعله دليلاً لمدعاك قلت أنه لم يصلح للاستدلال به بسبب ما طرقه من الاحتمال فلم ينهض حجة لذلك يعلم ذلك من له أدنى إلمام في هذا الشأن.
(الإيراد الثاني) ما مؤداه أن الكبرى غير مسلمة لأن القيام المذكور وإن سلم أنه فيها مشعر بالتعظيم كما تقدم لكن لا نسلم أن كل ما أشعر بالتعظيم يكون فعله واجباً لم لا يجوز أن يكون مستحباً (وجوابه) أن الوجوب هنا مبني على شيئين كما تقدم كونه مشعراً بالتعظيم وكون تركه الآن يعد تهاوناً واستخفافاً به لا بمجرد الإشعار بالتعظيم كما توهم فليتأمل ووجوب القيام هنا مقيد بما إذ تلي المولد على الوجه المعتاد في جميع القرى والبلاد واجتمع الخاص والعام وقاموا لقدومه صلى الله عليه وسلم بذكر ولادته وإظهاراً لتعظيمه فحينئذٍ يجب على كل من حضر القيام لا مطلقاً فلينتبه له وفهم من قوله بالوجوب لذلك أن من تخلف وقتئذٍ فهو آثم بل نقل في مواكب ربيع في مولد النبي الشفيع كفره قال هناك ما لفظه ولعمري إذا لم يقم لقدومه صلى الله عليه وسلم وله التخيل بذكر ولادته فلمن يقام فينبغي تأكده بل أفتى المولى أبو السعود العمادي الحنفي بكفر من يتركه حين يقوم الناس لأشعاره بضد ذلك أهـ أي ضد إظهار التعظيم والفرح به والسرور ثم قال بعد ورقات من كلامه جرت العادة بالعناية بأمر المولد ليلته أو يومه بحيث يقع الاجتماع وإظهار الفرح وإطعام الطعام والإحسان للفقراء وقراءة القرآن والذكر وإنشاد القصائد النبوية والصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وقراءة قصة المولد وما اشتمل عليه من كرامته ومعجزاته وذلك وإن لم يفعله أحد من السلف في القرون الثلاثة من أحسن ما ابتدع كما قاله الإمام أبو شامه والسيوطي والسخاوي وابنا حجر وكثيرون وأول من أحدثه الملك المظفر