صاحب إربل (بكسر الهمزة والموحدة وسكون الراء بينهما) قلعة على مرحلتين من الموصل المتوفى سنة ثلاثين وستمائة فأقره عليه أفاضل العلماء وعامة الصلحاء وكان يطلق عليهم فيه العطايا والخلع السنية ويبالغ فيما يفعله فيه من الخيرات إلى أن قال وأما خبر إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة فالمراد بها فيه ما أحدث وخالف كتاباً أو سنة أو إجماعاً أو أثراً لا ما أحدث من الخير ولم يخالف شيئاً من ذلك كما قاله الشافعي رضي الله عنه ولا مرية أن هذا من الخير الذي لم يخالف ذلك فإنه مع ما فيه من الإحسان للفقراء وتعاهد الجيران والأخوان وأنواع الذكر مشعر بمحبته صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وشكر الله على ما من به من إيجاده رحمة للعالمين وقد سئل الإمام أبو زرعة عن فعل المولد أمستحب أو مكروه وهل ورد فيه شيء أو فعله من يقتدى به فقال إطعام الطعام مستحب في كل وقت فكيف إن انضم لذلك السرور بظهور نور النبوة في هذا الشهر الشريف ولا نعلم ذلك عن السلف ولا يلزم من كونه بدعة كونه مكروهاً فكم من بدعة مستحبة بل واجبة أهـ فتبين من قوله فأقره عليه الخ إلى أن ذلك إجماع منهم قال في حصول المأمول (الإجماع المعتبر في فنون العلم إنما هو إجماع أهل ذلك الفن العارفين به دون من عداهم فالمعتبر في الإجماع في المسائل الفقهية قول جميع الفقهاء وفي المسائل الأصولية قول جميع الأصوليين وفي المسائل النحوية قول جميع النحويين ونحو ذلك ومن عدا أهل ذلك الفن هو في حكم العوام فمن اعتبرهم في الإجماع اعتبر غير أهل الفن ومن لا فلا أهـ وتبين أيضاً أن فعل ذلك صار من اتباع سبيل المؤمنين الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر المعصومين من اجتماعهم على ضلالة المفروض اتباعهم المحرم مخالفتهم. هذا ومقتضى الاعتبار هو دلالة السنة عليه كما (الإيراد الثالث) ما نصه أن استنباط الأحكام الشرعية من وجوب وغيره لا يصدر إلا عن مجتهد وقد علم مما ذكره المحققون أن الاجتهاد قد انقطع من أعصر لعدم توفر شروطه على أحد فمن أين هذا الوجوب (الجواب) إن المراد به الوجوب البدعي وإن كان شرعياً من طريق آخر كما ستراه لما تقدم أنها أي البدعة تعتريها الأحكام الخمسة فكما أن تعلم النحو وإن لم يرد واجب على كلام العز المتقدم لفهم الكتاب والسنة به كذلك القيام هنا واجب وإن لم يرد لإشعاره بما تقدم من التعظيم والمحبة له عليه الصلاة والسلام وكلاهما بدعة كما علمت