وكونه بدعة لا ينافي كونه شرعياً لانفكاك الجهة فإنه من حيث كونه لم يعهد في عصره عليه الصلاة والسلام ولاعصر الصحابة رضي الله عنهم يسمى بدعة ومن حيث دخوله تحت الأمر كما تقدم عن صديقنا أو من حيث دلالة الخبر السابق عليه وتخصيصه بواسطة القرينة له المارة كما قاله هذا العاجز يقال له شرعي فاندفع الإيراد ببيان المراد وثبت المدعى.
(الفصل الثاني)
في توجيه عبارة العلامة المذكور وأخذ الحكم منها بحسب فحواها لأنها بظاهرها توهم أن القيام في المولد مثل القيام في الآية من جميع الوجوه والواقع بخلافه كما سيوافيك فقوله (ونظير ذلك) أي قيام المولد نظير قيام الآية في تسمية كل منهما بدعة فقط بدليل قوله وهو أيضاً بدعة الخ فالجامع بينهما مجرد التسمية المذكورة لا إنه نظيره من كل وجه كما ظن بدليل أنه رحمه الله تعالى منع القيام في الآية بتاتاً بقوله (ففعل ذلك الآن بدعة لا ينبغي) الخ وقال في قيام المولد بعد تسميته بدعة (على أن الناس) الخ فاستدرك بهذه العلاوة الدالة على إضراب وإبطال ماقد يتوهم مما سبق من تسمية هذا القيام بدعة أنه محظور أو مكروه فدفعه بها حذراً من ذلك فلينتبه له أي والتحقيق جار على أن فعلهم المذكور ليس إلا للتعظيم ولو لم يكن بين القيامين من الفرق إلا قوله تعظيماً لكفى وقد تقدم أنه واجب فيكون فعلهم واجباً كما علمت ولا أخال أحداً يأباه لأن الحكم في العلة أشد إسترابة إذ يثبت حيثما ثبتت ويوجد أينما وجدت فهي الوصف المؤثر في الحكم كما هو ظاهر فيجب تعليق الحكم به وإليك مثالاً يوضح جميع ما تقدم وذلك كالإسكار في الخمر فإن وجوده فيها علة دالة على تحريمها فإذا زالت بحيث صارت خلاً زال التحريم وحرم تناوله إجماعاً وكذلك ما نحن فيه من التعظيم فإنه علة دالة على وجوب القيام حينئذٍ فتبين بهذا أن العلامة المذكور قائل بالوجوب البتة كصديقنا لا سيما وقد أتى بإنما المفيدة لتقوية الحكم والحصر كما أفاد ذلك في شرحه على الأربعين النووية تحت حديث (إنما الأعمال الخ) فقال هناك ما نصه (إنما) هي لتقوية الحكم الذي في حيزها اتفاقاً ومن ثم وجب أن يكون معلوماً للمخاطب أو منزلاً منزلته ولإفادة الحصر وضعاً على الأصح فيها أهـ وفي حاشية المدابغي عليه ما لفظه (قوله لتقوية الحكم الذي في حيزها) أي لتأكيد الحكم الواقع بعدها وهو هنا حصر