إلى طلاقها نظر أيضاً فيما يحدث له فما يوقع الثالثة إلا وقد جرب وفقه حال نفسه. وبعدد الثلاث تبلى الأعذار فسبحان اللطيف الخبير الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.
هذه الفوائد للطلاق لا يتماري فيها عاقل ومع ذلك فقد اعتمد الكمال ابن الهمام أنه غير مباح إلا عند الحاجة. وأطال في تقرير ذلك وأجاد إلى أن قال وأما إذا لم تكن حاجة فمحض كفران نعمة وسوء أدب فيكره وحمل قول عليه السلام أن أبغض المباحات عند الله تعالى الطلاق على المباح في وقت الحاجة. هذا وقد نقل ابن حجر في فتح الباري عن النووي القول بعدم إباحته مطلقاً قال الطلاق قد يكون حراماً أو مكروهاً أو واجباً أو مندوباً أو جائزاً. أما الأول ففيما إذا كان بدعياً وله صور. وأما الثاني ففيما إذا وقع بغير سبب مع استقامة الحال وأما الثالث ففي صور منها الشقاق إذا رأى ذلك الحكمان. وأما الرابع ففيما إذا كانت غير عفيفة. وأما الخامس فنفاه النووي وصوره غيره بما إذا كان لا يريدها ولا تطيب نفسه أن يتحمل مؤنتها من غير حصول غرض الاستمتاع فقد صرح الإمام بأن الطلاق في هذه الصورة لا يكره أفبعد ما سمعته من إباحته عند الحاجة إليه. وأنه أبغض المباحات إلى الله تعالى وبعدما رأيت من فوائده الاجتماعية يقال أجاز المسلمون أن يقسو الرجل ولكن (فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور).
هذا والغربيون كلما ارتقوا في المدنية قربوا من الدين الإسلامي وبعدوا عن تقاليدهم القديمة ولكن تحت اسم التمدن لا التدين والطلاق لما كان من أهم الكمالات الاجتماعية عند الاحتياج إليه قرر. فلا سفتهم إباحته وهذا بنتام قرر في كتابه أصول الشرائع لزوم الطلاق. وأقام على ذلك البراهين العقلية. ولا بأس أن ننقل نبذة من فصل عقده لبيان اعتراضات ما نعي الطلاق والجواب عنها.
قال الاعتراض الأول: أن الطلاق يولد عند الزوجين ريبة في مستقبلهما. فالرجل يلتفت يميناً وشمالاً ليجد امرأة توافقه أكثر من التي في عصمته. وكذلك يكون للمرأة مقاصد وأسباب تحملها على تغيير زوجها ونتيجة هذا الحال اضطراب في المعيشة حاضراً وعدم يقين بها في المستقبل.
الجواب أولاً يوجد شيء من هذا المحظور في الزواج الدائمي وتختلف الأسماء فقط. فبدل الزوجة الجديدة هناك يقال عشيقة أو رفيقة هنا وبدل الزوج الجديد يقال العاشق أو الرفيق.