للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأس السلك يكون كافراً من أعداء المسلمين فيقلب الخبر والذي على منتهى السلك يفعل كذلك ومثل هذه الاحتمالات المتعددة المتكثرة التي لا تندفع ولا تضمحل إلا بثبوت العدالة إذا تفكر فيها العاقل لا تبقي أثراً من الطمأنينة التي ذكرت أو لا سيما الذي رأى مثل هذا واقعاً في بعض المرات بعينه فالأمر الذي يحتاج إلى شهادة عدلين كحقوق العباد التي فيها إلزام محض أو شهادة عدل كالأخبار في الديانات كما إذا أخبر أن هذا الماء طاهراً أو هذا اللحم ميتة أو أخبر امرأة أن زوجها طلقها أو مات عنها ففي القسم الأول لا يعبأ بهذا الخبر أصلاً وفي القسم الثاني يجوز الأخذ به بعد التحري لو وافق التحري وإلاَّ فلا لأنه بمنزلة الخبر المستور كما مرَّ أولاً وإنما يعتبر التحري لو كان المحرك على مبدأ السلك والآخذ على منتهاه مسلماً يقيناً إلا أنه مستور العدالة وإلا فإن كان كافراً أو احتمل فلا تحري في إخباره قال صدر الشريعة في التنقيح وشرحه أن أخبر بالديانات الفاسق والمستور يتحرى فيه إما أخبار الصبي أو المعتوه أو الكافر فلا يقبل في الديانات أصلاً فلا يلتفت إلى قولهم ولا تحري فيه * وقال في الهداية لو أن امرأة أخبرها ثقة أن زوجها الغائب مات عنها أو طلقها ثلاثاً أو كان غير ثقة وأتاها من زوجها بكتاب بالطلاق ولا تدري أنهُ كتابه أم لا إلا أن أكبر رأيها أنهُ حق يعني بعد التحري فلا بأس بأن تعتد ثم تتزوج بزوج * وقال صاحب العناية في الحاشية في هذا المقام فإن كان المخبر ثقة لا يحتاج إلى غيره وإن لم يكن لا بد من انضمام التحري أهـ وأما إذا كان المخبر به مما فيه إلزام من وجه دون وده كقول الوكيل وحجر المأذون وفسخ الشركة فعند محمد وأبي يوسف رحمهما الله تعالى هو كما لا إلزام فيه أصلاً فيقبل فيه خبر كل مميز * وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى إن كان المخبر رسولاً أو وكيلاً من الأصل فنقبل فيه خبر الواحد من غير العدول وإن كان فضولياً فلا بد من العدد أو العدالة على الأصح وقيل لا بد من العدالة ففي القسم الثاني لا يعبأ عند بخبر السلك إلا أن يكون من جهتين مختلفتين فيحصل التعدد فيحتمل القبول وفي القسم الأول وعندهما في القسمين وما لا إلزام فيه أصلاً اتفاقاً كالوكالات والمضاربات والرسالات في الهدية وما أشبه ذلك كالودائع فيحتمل القبول لأنه يعتبر فيه خبر كل مميز ولو كافراً أو صبياً مميزاً كذا في التلويح وإذا كان هذا في خبر السلك فالخبر الحاصل من مكاتيب البوسطة كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>