تحتاج إلى شهادة عدلين فلا يجوز للقاضي أن يحكم على شهادته إلا أن يكون معهُ عدل آخر ولو شهد عنده عدلان من عوام العدول يجب عليه أن يحكم على شهادتهما والحال أن الظن الحاصل من شهادة الصديق رضي الله عنه يزيد على الظن الحاصل من شهادة جماعة من العدول كما لا يخفى ولو جاز التعليل بالحكمة لجاز هنا وهو خلاف الإجماع وخص من هذا الأمر على خلاف القياس سيدنا خزيمة بن ثابت رضي الله عنهُ لورود النص في حقه وهو قوله صلى الله عليه وسلم من شهد له خزيمة فهو حسبهُ رواه ابن حيان في صحيحه ذكره الشيخ المحلي في شرح جمع الجوامع * ومثال آخر في عدم جواز التعليل بمجرد الحكمة أن الأمة اجتمعت على سقوط الأضحية بأنثى المعز فالحكم سقوط الأضحية وعلته ذبح الأنثى من المعز مثلاً وحكمة هذه العلة كثرة اللحم فيه وغلاء الثمن ونفع الفقراء ليكون متقرباً إلى الله تعالى بأحسن أمواله فلو فرضنا وجود هذه الأوصاف في الجذعة من المعز من كونه أسمن كثير اللحم وأغلى من الأنثى لا تسقط به الأضحية بالإجماع فلو جاز التعليل بمجرد الحكمة لجاز في هذا المحل وقد استثني من هذا الحكم سيدنا بردة بن نيار رضي الله عنه على خلاف القياس لورود النص في حقه وهو ما رواه البخاري في صحيحه عن البراء بن عازب رضي الله عنه خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى فصلى ركعتين ثم أقبل علينا بوجهه فقال أن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد وافق سنتنا ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو شيءٌ عجله لأهله ليس من النسك في شيء فقام رجل هو أبو بردة بن نيار رضي الله عنه فقال يا رسول الله إني ذبحت قبل الصلاة وعندي جذعة خير من مسنة فقال اذبحها ولا تفيءُ عن أحد بعدك أهـ فقوله خير من مسنة كأنه إشارة إلى حكم العلة فما قبلها صلى الله عليه وسلم في حق كل واحد بل رخص له رخصة مخصوصة فهكذا في هذا الأمر وفيه أمثلة كثيرة وفي المذكور كفاية لمن تأمل. ثم الحقيقة أن هذه الطمأنينة إنما هي بسبب الغفلة والذهول عن الاحتمالات العقلية الصحيحة وسبب الذهول هو التعود على الأخذ بهذا الخبر وإلا فيحتمل أن رجلاً أجنبياً من أعداء زيد ابن عمرو يجيء على مبدأ السلك ويسلم الأجرة المعهودة ويقول أنا زيد ابن عمرو وطلقت زوجتي أو يقول أنا من رفقائه وقد مات زيد بن عمرو ليوحش أهله ويفزعهم فمن الذي يعلم هذا؟ ومن الذي يمنع هذا؟ أو هذا الذي على