شهيداً فالتمسوا جسده فلم يقدروا عليه وكان لما قتل رفع فرآه عامر بن الطفيل وقد رفع وقال عروة فيرون الملائكة رفعته وحديث (أم أيمن) حين هاجرت وعطشت فرأت دلواً معلقاً في الهواء فشربت منه وما عطشت بقية عمرها و (سفينة) مولى رسول الله عليه الصلاة والسلام أخبر الأسد أنه رسول رسول الله فسار معه حتى أوصله إلى مقصده و (البرأ بن مالك) كان إذا أقسم على الله أبر قسمه و (خالد بن الوليد) حاصر حصناً فقالوا لا نسلم لك حتى تشرب السم فشربه فلم يضره و (سعد بن أبي وقاص) كان مجاب الدعوة وهو الذي هزم جنود كسرى وفتح العراق ولما عذبت (الزبيرة) في الإسلام وكف بصرها قال المشركون أصابها اللات والعزى فقالت كلا والله فرد الله بصرها و (العلاء بن الحضرمي) مشى مع الجيش على الماء فلم تبتل قدماه وقد حصل مثله لأبي مسلم الخولاني الذي ألقي في النار فلم تضره إلخ ما قال مما لو أتينا على جميعه لاحتجنا إلى التطويل.
ولنكتف الآن بما قدمنا ليعلم المنكرون لكرامات الأولياء المدعون أن أقل القرون الثلاثة لم يعملوا ولم يعلموا بها وإن الكتاب والسنة والتاريخ ليس فيها شيء من ذلك إن دعواهم لا تروج إلا على قليلي البضاعة وضعفاء العقول الذين لا قابلية لهم في أنوار التوحيد ولا استعداد عندهم للخير فوقع هؤلاء المنكرون في أولياء الله أهل الكرامات يأكلون لحومهم ويمزقون أديمهم جاهلين كون هذا الأمر مبنياً على صفاء العقيدة ونقاء السريرة واقتفاء الطريقة واصطفاء الحقيقة {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} ولنختم هذا الموضوع بحديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه مؤيداً لما خص الله أولياءه من المراتب العلية والمقامات السامية والكرامات الباهرة والمواهب الوافية تكريماً لهم وتشريفاً لهم قال عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عند ربه عز وجل من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وما يزل عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ولئن سألني لأعطيته ولئن استعاذ بي لأعذته فقد دل هذا الحديث على أن للولي عند الله مرتبة عالية ومقاماً سامياً فهل يستبعد أن يكرمه الله بما لا يستحيل وقوعه على يده من خوارق العادات إن هذا لشيء عجاب.