للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خطاط في ذلك العهد رجل يدعى (قطبه) وكان أكتب الناس في عصره ثم جاء بعده الضحاك بن عجلان الكاتب في أول خلافة بني العباس فزاد على قطبه.

وكان حسن الخط في صدر الإسلام مختصاً بكتابة المصاحف وأول من كتب المصاحف في الصدر الأول مع حسن الحظ خالد بن أبي هياج كان يكتب المصاحف والشعر والأخبار للوليد ابن عبد الملك ثم مالك بن دينار وكان لخطوط المصاحف أنواع منها المكي والمدني والبصري والكوفي والمثلث والمدور والمحقق وهو العراقي والسجلي والأصفهاني ولم يزل الناس يكتبون بهذه الخطوط وبالخط العراقي إلى أيام المأمون فأخذ كتابه وأصحابه بتجويد خطوطهم فتفاخر الناس في ذلك وظهر رجل من صنائع البرامكة يعرف (بالأحول المحرر) عارف بمعاني الخط وأشكاله فتكلم على رسومه وقوانينه وجعله أنواعاً وكان يحرر النافذة من السلطان إلى ملوك الأطراف فرتب الأقلام وضم إليها أقلاماً أحدثها. منها قلم الأمانات والقلم المدمج والقلم المرصع والقلم النساخ ثم أتى بعده الفضل بن سهل فاخترع قلما هو أحسن الأقلام يعرف (بالرياسي) ثم ظهر بعده جملة من الخطاطين إلى أن انتهى حسن الخط للوزير أبي علي بن مقلة وزير المقتدر بالله العباسي وهو أول من نقل الخط الكوفي إلى خط النسخ وأبرزه في الصورة المعروفة اليوم ثم جاء بعده أبو الحسن بن هلال المعروف بابن البواب فهذب هذه الطريقة ونقحها وكساها طلاوة وبهجة كما ذكره ابن خلكان حتى قال في ترجمته لم يوجد في المتقدمين ولا المتأخرين من كثب مثله ولا قار به ثم انتقل حسن الخط بعده إلى جمال الدين ياقوت المستعصي مولى المستعصم العباسي وطار صيته في أنحاء البسيطة وكتب المصاحف الكثيرة. قيل بلغت ألفاً وواحداً وقد كتب لابن سينا نسخة من الشفاء في مجلد واحد وأهداه إلى الشاه (محمد طقلق) أحد ملوك الهند فأنعم عليه بألف مثقال من الذهب ويروى أن القطب الكبير سيدنا عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه كان يجل ياقوتاً ويثني عليه ويقول أن في يده سراً من أسرار الله.

ومازال الخط من ذلك العهد يزداد حسناً وجودة مع الاعتناء بشأنه وضبط قواعده وتنوع أساليبه إلى أن انتهى إلى جماعة من الخطاطين اشتهروا بالمهارة وكمال الاتقان وخلد لهم التاريخ ذكراً حسناً أشهرهم الحافظ عثمان رحمه الله تعالى وهو الذي فاق من تقدمه في حسن الخط وحاز قصبات البنى في مضمار هذه الصناعة بشهادة من كانوا معاصرين له

<<  <  ج: ص:  >  >>