الفروض الساذجة فإن التاريخ دلنا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبث بين ظهراني مكة نحواً من ثلاث عشرة سنة وهو يدعوهم إلى الله فلم يقبل الدعوة منهم إلا نفل قليلون وكان الباقون من تسلط الشك عليه بحيث يقولون كما حكى الله عنهم (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا) إلى قوله عز اسمه (أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه) الآية، وقد كانوا من شدة الشكيمة والبعد عن العقيدة وتمكن الشك من قلوبهم بحيث قال الله عنهم (ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون).
أما الفرض السادس وهو أنه مدعٍ وجاء بما جاء به النبيون من الكمالات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة العبادات فمن الفروض التي لا تثبت أمام النقد فإنه قلب لسنة الكون. إذ كيف يفرض أنه مفتر ثم ينتظر منه الإتيان بشريعة تعد أعدل شريعة ظهرت في الوجود لاشتمالها على أصول العدالة واحتوائها على روح القسط. متى عهدنا القلوب السافلة والنفوس المنحطة مصدراً لأمثال الشرائع الكاملة والقوانين الفاضلة التي ترقي الأمم وتحفظ كيانها.
هذه فروض يقتضيها زعم من يتجاسر فيزعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم ليس برسول وقد أريناك مكانها من العلم فلم يبق أمامنا إلا الفرض الأول وهو أنه رسول رب العالمين وإمام الأنبياء الصالحين وخاتم رسل الله المخلصين وأنه أرسل رحمة للعالمين، بكتاب من عند الله مبين سيكون كتاب الناس أجمعين ولتعلمن نبأه بعد حين.