فما زالت تعمل الغايات وتحوم حولها مصالح الأحزاب حتى دخل العدو أرضنا واستولى على كثير من مدننا. فاللهم ألهم خاصنتا وأمراءنا أن يعرفوا أنهم مدينون بحقوق عظيمة للأمة وأن يقتصدوا في حب الذات فلا يحتقروا في سبيل هذه المحبة كل ما تتنافس أصحاب العقول المستنيرة في الحصول عليه.
وعليهم أن يعلموا أن لهذا اليوم ما بعده فليس ثمة إلا الحياة أو الفناء فإن لم نتناس الأحقاد والضغائن ونستعين جميعاً بالله على حماية أوطانا وحفظ ذمارنا وصيانة استقلالنا حق علينا كلمة الفناء والعياذ بالله تعالى.
أيحسن بالمسلمين الذين جعلهم الله خير أمة أخرجت للناس وكانوا في جميع أدوار حياتهم آية في الشهامة والمروءة والشجاعة حتى كانوا ينصرون بالرعب يقذفه الله في قلوب أعدائهم فينهزمون بجيش الرهبة قبل أن يشيموا لمعان الأسنة وبريق السيوف.
أيليق بهم وتلك صفاتهم أن تلين قناتهم وتخضد شوكتهم وتصير أعداؤهم على أبواب عاصمة خلافتهم وهم على ما هم عليه من تفرق الكلمة وفساد الأخلاق والاشتغال بالخصوصيات.
أما آن لهم أن يتوبوا من ذنبهم ويرجعوا إلى ربهم ويتناسوا أحقادهم؟ ويجتمعوا على ما فيه مصلحتهم وحفظ دينهم ووطنهم واستقلالهم ليبرهنوا على أنهم نسل أولئك الأسلاف الذين تطأطيء لهم الرؤوس إجلالاً كلما ذكرت أعمالهم الجليلة وآثارهم الباقية.
اللهم خذ بيد هذه الأمة إلى ما فيه صلاحها واصرف عنها كيد الكافرين إنك بالمؤمنين لطيف رحيم.