على نيته في ذلك عزم على أن يطالع الدول المتعاهدة بذلك المنشور الصادر عن طيب نفس منه فتتلقى الدول المشار إليها هذه المطالعة بتأكيد مالها من النفع والفائدة ولكن المفهوم منها صريحاً أنها لا توجب حقاً لهذه الدول في أي حال كان على أن تتعرض كلاً أو بعضاً لما يتعلق بالسلطان ورعاياه أو بإدارة سلطنته الداخلية. فأين هذا مما نحن فيه؟ أين قولهم - ولكن المفهوم صريحاً أنها لا توجب حقاً لهذه الدول الخ في ادعائهم الحق الصريح الثابت في المداخلة عند سنوح كل فرصة؟ أين قولهم بأنهم يحترمون استقلال السلطنة وإبقاءها تامة وبأنهم تكفلوا جميعاً بالمحافظة على هذا التعهد الخ من اتفاقهم على الدولة وتغاضيهم بل مساعدتهم كل من يريد إيصال السوء إليها؟.
كل هذا يفعله رجال أوروبا خدمة للإنسانية، وطلباً لسلامة أملاك الدولة، فيطلبون كما قال أحد رصفائنا من الدولة أن تجري الإصلاحات في الداخلية لأجل سلامة أملاكها ويطلبون منها أن تمنح مقدونيا الاستقلال لأجل سلامة أملاكها. ويطلبون منها أن تعطي طرابلس الغرب لإيطاليا لأجل سلامة أملاكها. ويطلبون منها أن تجعل علىمقدونيا حاكماً مسيحياً لأجل سلامة أملاكها. ويطلبون منها أن ترضي حكومات البلقان لأجل سلامة أملاكها. ويطلبون منها أن تجعل مقدونيا تحت مراقبة أوروبية لأجل سلامة أملاكها، ويودن إخراجها من أوروبا لأجل سلامة أملاكها بل يتمنون زوالها بتاتاً لأجل سلامة أملاكها فبعد هذا أيها الأقوام تحبون أن نثق بأمانة أوروبا وصداقتها لدولتنا؟ أيسركم أن نعتقد أن أوروبا مهذبة العالم وما نحته المساواة يرضيكم أن نتربى بتربيتهم ونتزيا بأزيائهم ونتهافت على تعلم لغاتهم حتى نذوق طعم الحياة ونعرف معنى التمدنالويل كل الويل لنا إذاً.
إن ما عرف من أخلاقهم وغدرهم وختلهم لم يعرف قط في زمن من الأزمان لم يعرف ولا بأيام الجاهلية الجهلاء لم يعرف بقرن من القرون الماضية وهم مع كل هذا يرموننا بالتعصب والهمجية، بأنا أهل حرب لا نحب السلم بأنا نقتل الإنسانية ونفتك بأبنائها بأنا. . بأنا. . إلى آخر ما يزعمون ونهاية ما يدعون ولكن هو الطمع والجشع والهمجية والوحشية والتعصب الأعمى والأخلاق الذميمة. نقول التعصب الأعمى ولا نبالي لاعتقادنا بأن بعض ما تفعله أوروبا وتتغاضى عنه من إذلال المسلمين وإهانتهم وظلمهم واضطهادهم ليس مما يأمر به الدين المسيحي بل هو مناف للأديان السماوية تمام المنافاة لا يلتئم معها بحال. غلا