وهل لهم أن يحدبوا على أخوانهم الذين هاجروا بلادهم، وثكلوا أولادهم ويمدوهم بما يمسك عليهم الدماء ويسليهم عن خطبهم الجلل بعض السلوان؟
إنا لا ننعي على أوروبا أنها بإعراضها عن الانتصاف للإسلام ولو بكلمة حق تدل على شدة تعصبها عليه، وعلى أهليه فذلك ديدنها.
ولا نأخذها بأن صمتها عن انتهار أولئك المجرمين اللئام هو الذي مدهم في بغيهم، وزين لهم أن يمضوا في خيلائهم، ويسترسلوا في طغيانهم، فقد علمنا أنها لا ترفع عقيرتها إلا حيث تحلم أنه قد اعتدي على المسيحية أو مس أحد من المسيحيين بشيء من الأذى ولا نعتب ساستها فإن المجني عليهم اليوم مسلمون ولا نسألهم أن يقلعوا عن دعوى التنزه عن التعصب، إذ قد وضح أنهم هم المتعصبون.
ولكنا ندعو المسلمين إذا كانوا قد ألموا لدينهم وأخوانهم وكرامتهم أن يتدبروا أمرهم، ويأخذوا من حاضرهم لآتيهم، ويعتبروا بما نزل بطائفة منهم، ويعلموا أنهم لا نجاة لهم ولا بقيا عليهم إلا أن يأخذوا أخذ الأمم التي اعتزت بقوتها فإنهم بأن يملكوا تلك الحياة من طرفيها أحق، وبأن يجروا على ما أمرهم به كتابهم أولى، وإلا بقوا ما قدر لهم أن يبقوا وهم أهون على الناس منهم على أنفسهم وعاشوا غرضاً لسهام العوادي لا يعرفون من أي مأمن يؤتون. ولا من أي جهة يؤخذون وإن فيما نزل بهم اليوم من صنوف البلاء لألف عبرة لو كانوا يعتبرون.