اليونان واستيلائنا على كثير من أملاكها توسطت أوروبا بطلب اليونان وكانت النتيجة حرماننا من ثمرات انتصارنا وتركنا أملاكها التي أخذناها بدماء رجالنا.
كل هذا من الأمور المقررة التي لا يرتاب في صحتها كل من يريد أن يفهم الحقيقة. ومع ذلك يقال عن منتقد ذلك بأنه متعصب. ويقول مثيرو الحرب البلقانية أنها حرب دينية وأنهم يريدون أن يثأروا للصليب من الهلال ولا يقال عنهم متعصبون. ثم بعد كل هذا وبعد تصريح دول البلقان بأن هذه الحرب دينية يوجد فينا من ينصب نفسه حكماً بذلك فيرى أنها غير دينية.
سأل سائل أصحاب مجلة المقتطف الغراء: ما هي سياسة دول أوروبا الآن في المملكة العثمانية وإيران فأجاب بما نصه:
إن المحور الذي تدور عليه سياسة الدول الأوروبية هو مصالح شعوبها المالية لأن الذين يديرون دفة السياسة هم رجال المال ولو لم يكونوا متربعين في المناصب الحكومية، وتختلف أساليبهم في الوصول إلى هذا الغرض باختلاف بلدانهم ومستعمراتهم وقربهم وبعدهم فإنكلترا كثيرة المستعمرات فلا يهمها أن تزيد مستعمراتها اتساعاً ليهاجر من يريد من شعبها إليها ولذلك لا تطمع بامتلاك بلاد جديدة إلا إذا كانت صلة بين مستعمراتها ولكنها تهتم أشد الاهتمام بحماية البلدان التي تروج متاجرها فيها وتبذل جهدها في صد من يريد امتلاكها إذا خافت أن يمنع ربحها منها ولذلك كان شأنها الدفاع عن الممالك العثمانية ومملكة إيران وحاربت الروس من أجل ذلك. وأما الدول التي تطلب امتلاك المستعمرات لسكنى من يريد من شعبها كألمانيا أو التي تطلب أن يكون لها مواني بحرية لمتاجرها وبوارجها كروسيا وبلغاريا أو التي لرعاياها أموال كثيرة في بلاد وتخشى على أموالهم إذا اختل الأمن فيها فتهتم بامتلاك البلدان ترويجاً لمصالح شعبها وحفظاً لأموالهم وإذا تعذر عليها امتلاكها اهتمت بامتلاك مرفأ فيها وبمراقبة ماليتها. ولا يخفى أن تضارب مصالح الدول ينوع مطالبها ويقال بالإجمال أنها تطلب أكثر ما يكون من الربح بأقل ما يكون من الخسارة وقد زعم البعض أن الدول الأوروبية تريد بالدولة العلية ودولة إيران شراً لأنها مسيحية وهما إسلاميتان. ولا أبعد عن الحقيقة من هذا الزعم لأن محور حركات الدول الأوروبية الماليون وأكثرهم من الإسرائيليين لا من المسيحيين ولأن أكبر الدول الأوروبية