الصدد ولا بأس أن نعيد نقل بعضه ها هنا إتماماً للفائدة قال جان فينول (نقول بغاية الأسف أن المرأة التي بواسطتها تهذيب أوروبا ستكون هي نفسها هادمة تلك المدنية الزاهرة بيديها بإزاء هذه النزعات فإن عقلاء القوم لا يدرون كيف يوقفون سير هذا التيار الشديد الاندفاع الذي ابتدأ يجرف أمامه كل الكمالات الأخلاقية التي بنيت على أساسها عظمة العالم المتمدن أه.
فعلماء أوروبا وفلاسفتها تسعى لتلافي أضرار التبذل ومساواة والمرأة للرجل في كل شؤونه وجهلاؤنا المغرورون يريدون تقليدها فيما أدرك عقلاؤها ضرره وسوء مغبته وقد قرأنا في مجلة (الهلال) الغراء فصلاً من رحلة صاحبها جرجي زيدان لبلاد أوروبا وصف لبلاد أوروبا وصف به حال المرأة الفرنساوية وما جناه عليها وعلى المجتمع الفرنسوي تبذلها وتبرجها وحريتها المتطرفة فأردنا نقل محل الشاهد من كلامه هنا قال:
كنا نشكو من جهل الفتاة الشرقية وحجابها ونحسد الفتاة الافرنجية على تعلمها وحريتها فلما رأينا حالها في باريس انقلبت شكوانا وكدنا نرضى بالحجاب والجهل. أنهم أساؤوا إلى ذلك المخلوق اللطيف بتلك الحرية المتطرفة أرسلوا المرأة إلى الأسواق تخالط الشبان وتبايعهم وتساومهم وتعاشرهم وهي ضعيفة حساسة فتعرضت لمفاسد كثيرة وأغراها الشبان بالمال فخدعوها فلما خرجت من صف الحرائر خدعتهم ثم آل أمرها إلى ضياع العمر في الشوارع والأزقة لا تجد رزقاً إلا باستهواء الشبان وفي القاهرة مثال صغير من تلك الطبقة يعرفن ببنات الرصيف أما هناك فإنهن ألوف ولا تكاد تخلو منهن حديقة أو متنزه أو شارع لاسيما أثناء الليل ولا حرج عليهن بحجة الحرية الشخصية والحكومة الفرنساوية تبيح الفحشاء على شروط وضعتها وقوانين سنتها فأباحت للمتجرين بالأعراض أن يبتوا المنازل والقصور ويحشدون فيها الغواني أصنافاً وألواناً يعرضونهن عرض السلع والأثاث بلا عيب ولا حياء ولهم سماسرة في أيديهم شهادات من الحكومة تخول لهم معاطاة تلك المهنة ولهذه الطبقة من المتهتكين مجالس وأندية وجرائد وكتب لترويج تلك البضاعة وليس ذلك جائزاً في إنكلترا ولكن مصر اقتدت فيه بالفرنساويين كما اقتدت بسواه من أسباب تمدنهم وما كان أجدرنا أن نأخذ الحسن النافع من أسبابه ونعرض عن القبيح الضار.
ومن قبيح هذه الحرية في باريس أن من تلك الشباك الجهنيمة كثيراً في حي يعرف بالحي