والإنصاف مركباً لسلموا إلى علماء دينهم وانخرطوا بسلك آبائهم وأجدادهم وأصبحوا متلفين متحالفين يستعينون ببعضهم على من سواهم كما كانت أسلافهم العاقلون المفكرون أهل الحزم والعزم والدراية.
وأنا لا أنحي باللوم عليهم وحدهم بل أوجه اللوم أيضاً على علماء ديننا الذين هم روح الشعب وحياة الأمة والقطب الذي تدور عليه أمور الخلافة الإسلامية والأس الذي ترتكز عليه قواعد الدولة العثمانية نظن لجهلنا أن وظائف العلماء الإسلاميين في هذا الكون جزئية والحق أنها لأعظم وأجل وأهم وأكبر من سائر الوظائف.
فهم المفرطون بطلب مالهم من الحقوق وأداء ما عليهم من الواجبات أما حقوقهم فهي تكفل الدولة لهم بتأمين مستقبلهم وتعيين رواتب لهم وللطلبة في مقابلة انقطاعهم لخدمة الملة والوطن أما من الأوقاف وإما من الخزينة ومساعدتهم على نشر العلم وبث المعارف وتشييد المدارس العلمية والمعاهد الدينية ووضع برنامج يتضمن التدريس بجميع الفنون من النحو والصرف والفقه والحديث والتفسير والمعاني والبيان البديع والمنطق والجغرافيا والحساب والتاريخ والهندسة والعلوم المدنية والفنية وغير ذلك وتتشكل لجنة مخصوصة من أرباب الفكر والاقتدار تعين كتباً مخصوصة تقرأ رسماً في جميع المدارس وتضرب مدة محدودة من السنين لدراسة الكتب التي تعينها وتخصص لكل سنة كتباً معينة وتجعل الامتحان في السنة مرتين وكل من يتمم المدة المحدودة ويؤدي الامتحان ويحوز الشهادة بأهليته يعين له راتب مخصوص ويرسل إلى بلده أو على بلد آخر يرشد أهله ويعلمهم مما علمه الله فإذا دخلت هذه الفنون في المدارس العلمية حاز طلابها الفضيلتين وامتزجوا باجتماعاتهم مع أبناء المكاتب بخلاف ما هم عليه الآن فإن بينهم تنافراً ووحشة لما بين علومهم من المباينة والمخالفة ولهم حقوق على الشعب منها النظر إليها بعين الاعتبار والتعظيم ومساعدتهم في حاجياتهم لأن ما من أمة حقرت علماء دينها إلا ابتليت بالمصائب وسلط الله عليها عدوها لينتقم منها وهذه حالتنا اليوم.
قال تعالى:(ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون) كفى العلماء شرفاً أنهم ورثة الأنبياء ولا يرضى بتحقير العلماء إلا كل أحمق جاهل سفيه طائش العقل.
وأما الواجبات التي يفرض على العلماء القيام بها فهي هدي الأمة وإرشادها إلى النهج