القويم والصراط المستقيم وبث روح الدعوة الدينية في جسم ميتها لتتحرك النفوس الهامدة وتحيي الأرواح الخامدة كما كانت أسلافهم الكرام كان يقطعون مسافة الشهر والشهرين لسماع حديث واحد من أمور دينهم ودنياهم في سبيل نفع الأمة كانوا يستميتون في بذل النصائح ويتفانون في نفع العباد وعمران البلاد ولذلك كان الشعب في حوزتهم وقبضة يدهم يتودد إليهم ويتوسل لإرضائهم كانوا هم الحكام في الحقيقة وكانت الأمة لهم أطوع من ظلهم كانت طواياهم سليمة ونياتهم صافية يعملون بما يعلمون بسري وعظهم وإرشادهم في العقول والأفكار سريان الماء في العود والروح في الجسد والدليل على ذلك كثرة وجود المعاهد العلمية والمعابد الدينية الناطقة بفضلهم وإخلاصهم للوطن العزيز
هذه آثارنا تدل علينا ... فانظروا بعدنا إلى الآثار
بم يهبهم الله الفضائل الجليلة والمزايا الشريفة لمجرد وضع العمامة على الرأس وارتداء الجبب الثمينة وتقبيل الأيدي والمجاورة في المساجد والمعاهد ليقال هؤلاء الذين يجب على الأمة تبجيلهم وتعظيمهم حاشا ثم حاشا إنما خلقهم الله ليعملوا بما علموا وليس العمل هو الصوم والصلاة ودراسة الكتب فذلك ممكن من كل فرد بل العمل اللازم اللازب الذي لا ينفك عنهم ويجب عليهم القيام به هو مبارحة الأوطان ومفارقة الخلان في سبيل الوعظ والإرشاد ونصح الأمة لم يجعل الله صدورهم قبوراً للعلم فلا يبعث منها حتى يبعث من في القبور، هم ورثة الأنبياء فالأنبياء كانت تدعو إلى الحق وتحث على التعاون والتعاضد والتناصر والتخلق بمكارم الأخلاق وجمع الكلمة وتأليف القلوب وتوحيد الآراء.
فالسلطان الأعظم في الحقيقة هو خليفة النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي يطلب منه القيام بهذه الأمور وحيث أن السلطان حالت بينه وبين القيام بتلك المذكورات مهام السياسة فقد ألقى مقاليدها إلى علماء الأمة وإلى هذا أشرت بقولي يجب على الحكومة مساعدة العلماء بنشر الدين لأنهم هم الواسطة بين الحكومة والشعب في استجلاب القلوب واستمالة النفوس وتقوية الرابطة واستدرار الخير بما يعود نفعه على الوطن أجمع.
كما سمعناه عن أسلافنا وقرأناه في التواريخ المسجلة التي هي أصدق شاهد مخبر.
وكما تفعله اليوم ملوك أوروبا من إرسالهم الوفود من علماء دينهم إلى بلادنا وفتحهم المدارس بأوطاننا نشاهد القسس والرهبان بأعيننا يجوبون الأقطار ويركبون البحار