نكتشف معانيها ونستخدم قواها فقال تعالى:(وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه) ولم يحرم علينا بد ذلك إلا كل إفراط وتفريط سواء فقي الحاجيات البدنية أو الروحية حتى أنه ليعاقب المؤذي نفسه بالعبادة كما يعاقب مؤذيها في سواها قال سيد الوجود صلى الله عليه وسلم (من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الذنب مثل جبال عرفة)(ذلك أن الله لا يحب المعتدين) حتى في الدين. فقل لنا بعيشك دين هذا شأنه من الإطلاق وعدم التقييد من أين يتطرق التلاشي إليه وبأي سبب يحكم بالزوال عليه؟ دين لم يمت فيك عاطفة من العواطف ولم يحجر على عقلك وفكرك سلطانهما بل جعلهما عماد بقائك وسبب عليائك ولم يحرم عليك من الملاذ البدنية إلا الأشياء المؤذية بإجماع العلوم الطبية فكيف لا تسميه دين المدنية الحقيقية وأنشودة الإنسانية؟ وإن تعجب من هبوط المسلمين عن سواهم مادياً ومعنوياً مع وجود هذا الدين بين ظهرانيهم فأنا أكثر منك عجباً من تكاسل متنوريهم عن إشهاره بكل الوسائل لأنه ليس بين المسلمين وبين الرقي لا على مقاوم العظمة الاجتماعية إلا فهم ما لديهم من هذا النور الذي أنزل من سماء الحكمة إليهم؟ فهل يأتي على المسلمين زمان يلتفتون فيه إلى دينهم حق الالتفات ويستمدون من روحه مثل ما استمد منه آباؤهم من قبل فيدهشون العالم بفخامة مدنيتهم وجلالة فضائلهم؟ نهم ولتعلمن نبأه بعد حين.