آلات الحروب الحديثة رابعاً بالاعتناء بالتجارة في الوارد إلى البلاد والصادر منها. بحفظ الحقوق، وتعديل الجمارك، ومن السكك التجارية والكهربائية، وتنظيم الشوارع والأزقة وخامساً بالالتفات إلى الزراعة بإيجاد الأمن في البوادي وجر المياه إلى الأراضي القاحلة وتجفيف المستنقعات وتسهيل الطرق لجلب ما استحدث من آلات الزراعة من أوروبا بإعفائها من الرسوم وإدانة المعوز من الزراع ثمنها إلى أجل يمكنه من الاستفادة منها وسادساً بالاهتمام بالصنائع بوضع المرغبات المادية والمعنوية لمن يقوم بها وإعفاء آلاتها من الرسوم، والضرب على أيدي من يريد العبث بمتانتها، وحفظ حقوق أصحابها بهذا يرتفع شأن العثمانية، وتكون في مقدمة الدول العظمى ولا أحتاج لإيراد الدلائل والشواهد على صحة ما قلت بعد أن تحقق أن السبب الوحيد
في رقي أوروبا وتقدمها هو ما ذكر.
قال الذي يرى الرأي الثاني: قد أطلت على غير طائل وأكثرت من غير ما جدوى وما أراك إلا شغوفاً بأوروبا ومظاهرها الفتانة، معرضاً عن النظر في حقيقة أمرها وما هي عليه من الخبث والدناءة، ولو كشف لك عما تكنه صدورها وتخفيه سرائرها لما راقتك زخارفها، وأخذت منك مبتكراتها ومخترعاتها، ولما دعوت أمتك إلى تقليدها وأنت من رجالها المصلحين.
لو كان لي من الإفصاح والبيان ما أقدر به على سرد الفظائع التي جرتها أوروبا بمدنيتها الحديثة على الإنسانية لفعلت، وبالحري لو كنا في هذا الصدد لرأيتني على ضعف بياني أتكلف لإزالة الستر عن بعض تلك الفظائع المؤلمة بحيث تكون ظاهرة للعيان.
نحن الآن بصدد النظر فيما يصلح شأن أمتنا، ويرقى بها في معارج العز والفلاح، ولا أرى ذلك حاصلاً لها إلا بالاعتصام بحبل دينها المتين، والسير على صراطه المستقيم بامتثال أوامره واجتناب مناهيه، وترك التخاذل والتدابر ونبذ النزاع والشقاق وتوثيق عرى الاتحاد والائتلاف وتجديد أواصر التراحم والواد وبذل المهج والأموال لتكون كلمة الله العليا وكلمة الذين كفروا السفلى فإذا تم لنا ذلك فلسنا بحاجة إلى قوانين أوروبا التي لا تلائم طباعنا، ولا تتفق مع مصالحنا فلدينا القانون الإلهي وضعه أحكم الحاكمين وسنه أعدل العادلين بمصالح عبادة، ومن لا تخفى عليه خافية من أمرهم. ذلك الذي لا يعتريه تغيير ولا تبديل