للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يقبل الزيادة ولا النقصان ذلك القانون الذي يلائم المستقيم من الطباع ولا تمجه الأذواق السليمة ذلك القانون الذي يأمر بالعدل والإحسان وينهي عن الفحشاء والمنكر ذلك القانون الذي بني على المساواة الحقيقية بين أفراد معتنقيه لا يفرق بين عنصر وعنصر ولا يميز جنساً على آخر ذلك القانون الذي يحث على التعليم ويوجبه على كافة من التزم أحكامه ذلك القانون الذي ما تمسكت به أمة إلا وأصبحت عزيزة الجانب رفيعة المكانة.

ولسنا بحاجة إذا تم ذلك (الاعتصام بحبل ديننا المتين) إلى العلوم الطبيعية والرياضية التي ضل بها الأكثرون وكثر من جراء تعلمها الزنادقة والملحدون واقتصرت نتائجها على إطغاء بني البشر وسحقه بما أعدت لهم من المدمرات وسهلت لهم من الشهوات.

نعهم لسنا بحاجة إلى هذه العلوم المادية المحضة التي تسبب عنها إنكار الصانع جل وعلا، والتكذيب بكتبه ورسله وملائكته، وجحود البعث والحشر والنعيم والجحيم، وغير ذلك مما لا مجال لإنكاره ولا تتسع دائرة الوهم للتشكيل فيه بعد ما جاءت الأدلة القاطعة بإثباته، وشهدت العقول السليمة بصحته، ومضت الأجيال والقرون وعامة من يفقهه من البشر يذعنون له ويدينون به.

ولسنا بحاجة أيضاً إلى المدرعات والطرادات وغيرها من آلات الحروب الحديثة لما توفر لدينا من قوة الاتحاد والتضام، ولما غرز فينا من الشجاعة والبسالة التي فقنا بها جميع الأمم.

نهم لا أنكر أنه لو يكون لنا معدات مثل الأوروبيين نزداد قوة على قوة، وتعظم سطوتنا في نظر أعدائنا ولكنا نحتاج في تحصيلها إلى أن نسلك طريقاً غير طريقنا طريقاً مملوءاً بالمخاوف محفوفاً بالأخطار فأولى لنا أن نسلك طريق أسلافنا وننهج منهجهم فقد كانت هممهم مصروفة إلى إعداد المعدات المعنوية مقصورة على تنظيمها وكانت لهم بذلك الغلبة على أعدائهم في جميع ما يحاولون.

وبعد ذلك كله يكفينا جزء يسير من التجارة والزراعة والصناعة يقوم بأودنا، ونسد به خلتنا، لنقوى به على عبادة الله تعالى التي ما خلقنا إلا لها ونتبلغ به للحصول على مرضاته التي هي أعلى المقاصد، وأسمى المطالب فنتنعم بالنظر إلى وجهه الكريم، وجلاله المنزه في جنات تجري من تحتها الأنهار فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>