فأوف به وإذا وعدت الخير فأنجزه واقبل الحسنة وادفع بها وأغمض عن عينك كل ذي عيب من رعيتك واشدد لسانك عن قول الكذب والزور وأبغض أهل النميمة فإن أول فساد أمورك في عاجلها وآجلها تقريب الكذوب والجرأة على الكذب لأن الكذب رأس المآثم والزور والنميمة خاتمتها لأن النميمة لا يسلم صاحبها وقائلها لا يسلم له صاحب ولا يستقم له أمر.
وأجب أهل الصلاح والصدق وأعن الأشراف بالحق وأعن الضعفاء وصل الرحم وابتغ بذلك رجه الله تعالى وإعزاز أمره والتمس فيه ثوابه والدار الآخرة.
واجتنب سوء الأهواء والجور واصرف عنهما رأيك وأظهر براءتك من ذلك لرعيتك وانعم بالعدل سياستهم وقم بالحق فيهم وبالمعرفة التي تنتهي بك إلى سبيل الهدى.
واملك نفسك عند الغضب وآثر الحلم والوقار وإياك والحدة والطيش والغرور فيما أنت بسبيله.
وإياك أن تقول أنا مسلم أفعل ما أشاء فإن ذلك سريع إلى نقص الرأي وقلة اليقين لله عز وجل واخلص لله وحده النية فيه واليقين.
واعلم أن الملك سبحانه وتعالى يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء ولن تجد تغير النعمة وحلول النقمة إلى أحد أسرع منه إلى جهلة النعمة من أصحاب السلطان والمبسوط لهم في الدولة إذا كفروا نعم الله وإحسانه واستطالوا بما أعطاهم الله عز وجل من فضله.
ودع عنك شره نفسك ولتكن ذخائرك وكنوزك التي تدخر وتكنز البر والتقوى واستصلح الرعية وعمارة بلادهم والتفقد لأمورهم والحفظ لدمائهم والإغاثة لملهوفهم. واعلم أن الأموال إذا اكتنزت وادخرت في الخزائن لا تنمو وإذا كانت في صلاح الرعية وإعطاء حقوقهم وكف الأذية عنهم نمت وزكت وصلحت به العامة وترتبت به الولاية وطاب به الزمان واعتقد فيه العز والمنفعة وليكن كنز خزائنك تفريق الأموال في عمارة الإسلام وأهله ووفر منه على أولياء أمير المؤمنين قبلك حقوقهم وأوف من ذلك حصصهم وتعهد ما يصلح أمورهم ومعاشهم فإنك إذا فعلت قرت النعمة لك واستوجبت المزيد من الله تعالى وكنت بذلك على جباية أموال رعيتك وإخراجك أقدر وكان الجمع لما شملهم من عدلك وإحسانك أسباباً لطاعتك.