للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنزل بلسان عربي مبين.

وهذا الوجه وحده كاف لأن يكون لهذه اللغة عند الحكومة العثمانية المنزلة السامية على أنه لو لم تكن هذه الدولة دولة الخلافة الإسلامية لكانت السياسة تقضي عليها بالاعتناء بالعربية لأنها لغة أكثر رعاياها المخلصين في عثمانيتهم وقد مضى على الدولة العلية العثمانية أمد ليس بقليل كانت فيه تغضي عن إنالة هذه اللغة قسطها من الحظوة لديها وتلهوا عن إجابة نداء أبناء الأمة العربية الذين يودون أن يكون للغتهم شأن عند الحكومة يليق بما انطوت عليه من اشتات الفضائل وقد دأب أبناء العرب على مطالبة الحكومة بجعل اللغة العربي رسمية للحكومة وشاءت السياسة عدم إجابة هذا الطلب بما يستحقه من السرعة ومن حجج المانعين أن القانون الأساسي يقضي بأن تكون اللغة الرسمية للحكومة هي التركية مع أنه حور كثير من مواد القانون لمسيس الحاجة لتحويره وهو ليس بذي أهمية بالنظر لمسألتنا الحاضرة وماذا يمنع من أن يكون للحكومة لغتان رسميتان ترجح حكومات الولايات استعمال إحداهما بحسب حالة الأهالي واستعدادهم وكم جر عدم إجابة هذا الطلب على الحكومة والشعب من المصائب والرزايا واتسعت بينهما مسافة الخلف وسوء التفاهم فترى الشعب العربي وعقلاء الأتراك ومفكريهم ناقمين على الحكومة عدم إصغائها لهذا الأمر الديني الاجتماعي الذي يتوقف عليه نجاح هذه الدولة والتآلف بين شعبيها الكريمين اللذين يمثلان أكثريتها المطلقة الترك والعرب.

ومن جهة أخرى كان بعض رجال الحكومة وذوي الشأن فيها يرمون الشعب العربي بقوارص الكلام كالمروق من الوطنية وعدم محبة العثمانية وإرادة الخروج عليها (معاذ الله) إلى غير ذلك وحجتهم في ذلك ما يشاهد من بعض متطرفي الكتاب من استعمال اللهجة العنصرية الشديدة في هذا الطلب والتهور في التنديد بالحكومة مما ينشأ عنه تفريق الأمة وجعلها شيعاً وأحزاباً والخروج عن جادة الآداب المرعية في المخاطبة بين الحاكم والمحكوم.

خشي كثير من عقلاء الطرفين مغبة سوء التفاهم وكاد يفضي الأمر إلى ما لا تحمد عقباه لولا أن ألهم الله رجال الحكومة الحاضرة أن تقدم مصلحة الحكومة والأمة على العنصرية فصدرت البشرى بصدور الإرادة السنية بجعل اللغة العربية رسمية للحكومة ولغة التدريس

<<  <  ج: ص:  >  >>