حكومته باسم الصليب والعدل والإنسانية (كما يقول) على التداخل في تأمين سكان ما حول شتالجه من الصليبيين على أموالهم وأنفسهم ومصالحهم وراحتهم وقد جاء فيما اقترحه من الطرق الواقية لتلك الشرذمة القليلة الباقية تحت حكمنا أن تقيم أوروبا عليها حاكماً مسيحياً يختم بقيامه تاريخ وجودنا السياسي بل والحيوي في تلك القارة المسيحية ولكن لم يكن ذلك هو البادرة الفريدة والمقدمة الوحيدة التي بوغتنا بها اليوم فإن المتصفح لجرائد أوروبا الكبرى يجدها فتحت للفتنة أبواباً أخرى. فمن هذا ما نشرته جريدة التيمس في عددها الصادر في ١٢ أبريل الجاري إذ أخذت تخوض في أمر الأرمن وتسرد حوادث قبضت فيها الحكومة المحلية هناك على عدة أفراد في سبيل تحقيق القنلبلة التي انفجرت في تبليس.
إن حادثة تبليس ليست فيما نعتقد من الحوادث العرضية البسيطة ولكنها إحدى مقدمات دبرت لإقامة ثورة في تلك البقاع ترمي إلى تمكين روسيا من احتلالها. على أن من شأن أمثال هذه الحادثة أن يتهم فيها أفراد قد يكون بينهم المجرم كما يكون منهم البريء فالذي يميز المجرم عن غيره إنما هو التحقيق القضائي والبحث الإداري فهل من الآثام والجرائم أن تلقي الحكومة المحلية القبض على من مسهم الاشتباه وحامت حولهم الشكوك؟.
لم تستطع التيمس المسيحية المتعصبة أن تخفي أن رجال الإدارة في تبليس قد سرحوا كثيراً ممن قبضوا عليهم لظهور براءتهم ثم م تستطع أن تكتم ما عومل به أولئك المقبوض عليهم من اللين والرحمة ولكنها لم تستطع مع ذلك أن تستر نيران حقدها على الإسلام وتحجب ما تضمره هي والعالم المسيحي لنا من المكايد والأذى فقد ختمت كلامها في هذا الموضع بقولها وعلى كل حال لا ينتظر أن يكون الحكم التركي المستقبل خيراً من الحكم العتيق الاستبدادي في شيء.
كذلك تقول التيمس في أحدث أعداها متناسية (أن القنبلة قد تحقق انفجارها وعرفت آثار ضررها) ومستقلة ما أتى به رجال الإدارة العثمانيون من اللين والإحسان في تحقيق قضيتها ومعاملة من اشتبه في أمرهم من أهل تلك الجهة.
وتؤكد التيمس منذ الآن أن الحكم هناك لا يرجى تغييره ومغايرته لطراز الحكم الحميدي وهي تعلم أن قانون الولايات قد صدر الأمر بتطبيقه وأن الأمر في سائر الولايات العثمانية