وقد رأينا في (الإسلام روح المدنية) نبذة في هذا المعنى منقولة عن فيلسوف ألماني قال (أن قوانين الزواج في أوربا فاسدة المبني بمساواتها المرأة بالرجل فقد جعلتنا تقتصر على زوجة واحدة فافقدتنا نصف حقوقنا وضاعفت علينا واجباتنا على أنها مادامت أباحت للمرأة حقوقاً مثل الرجل كان من اللازم أن تمنحها عقلاً مثل عقله إلى أن يقول ولا تعدم امرأة من الأمم التي تجيز تعدد الزوجات زوجاً يتكفل بشئونها والمتزوجات عندنا نفر قليل. وغيرهن لا يحصين عدداً تراهن بغير كفيل بين بكر من الطبقات العليا قد ساحت وهي هائمة متحسرة ومخلوقات ضعيفة من الطبقات السفلي يتجشمن الصعاب ويتحملن مشاق الأعمال وربما ابتذلن فيعشن تعيسات متلبسات بالخزي والعار ففي مدينة لوندرا وحدها ثمانون ألف بنت عمومية سفك دم شرفهن على مذبحة الزواج ضحية الاقتصار على زوجة واحدة إلى آخر ما نقل وفيه أيضاً أن حضرة أدوارد السابع ملك انكلترا أصدر منشوراً يبيح فيه تعدد الزوجات بالرغم من معارضة القسوس وكانت أمه قبله معارضة لهذا الرأي أشد المعارضة.
ومنه يظهر لك أن الغربيين فازوا بأباحة التعدد كما فازوا بأباحة الطلاق وأن نهاية سير التمدن الوصول إلى ما عليه الدين الإسلامي الحنيف ونحن بعدما سردنا شيئاً من حكم تعدد الزوجات وبأنه مبني على غاية من العدالة والحكمة. وبعدما نقلنا عن الغربيين استحسانهم له وشيوعه حديثاً بينهم بعد كل ما تقدم من الفوائد لا ننكرانه في زماننا هذا قد يكون منه فساد للعائلات أكثر مما يرجي منه من الفوائد. لفشو الخلاق السافلة وسوء التربية. فقد يتزوج الرجل الزوجة الثانية وزوجته الأولى صالحة للتناسل حسنة الأخلاق. وهو لا يقصد بذلك تكثير النسل ولا إعالة من يتزوجها ثانية ولا غير ذلك مما هو من حكم التعدد. إنما يدفعه إلى ذلك الشره بالشهوة البهيمية. ثم لما كان الدافع الشهوة كان ميزانه في معاملتهن الحب والبغض فهو يعامل كل واحدة بنسبة موضعها من قلبه. فتدب الغيرة في نفس المظلومة ويروج بينهم سوق الكذب والنميمة والأباطيل إلى آخر ما يكون هناك من ضروب المفاسد الاجتماعية لا ننكر وجود ذلك وشيوعه. إلا أنه لا يعترض به على مشروعية إباحة التعدد لأن ذلك ليس طبيعياً له بدليل تخلفه. فقد شوهد من تزوج بأكثر من