جل شأنه {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. ومن اللازب اللازم على الحكومة أن تؤمنهم وعيالهم على معيشتهم وتكفل لهم بما يقوم بأودهم وتمد لهم ساعد المعاضدة على إدراك هذه الضالة المنشودة والغاية المفقودة لاسيما في هذه الأوقات الحرجة والظروف المشؤومة.
فإذا فعلوا ذلك كان سعيهم هو قطب دائرة الحياة الدنيا ومدارج مرقاة العلا إلى المراتب السامية به تدرك الغايات وتملك النهايات وبالجملة علو الهمة من الإيمان ولما كانت القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد جعل الله من عظيم فضله وجليل كرمه الوعظ والإرشاد جلاء لصدأها ولهذه الغاية فرض على المسلمين صلاة الجمعة في كل أسبوع مرة وقيدها بالجماعة فلا تصح من الفرد وفرض الحج على المستطيع ليجتمع المسلمون كل عام.
تراهم يأتون من سائر الأقطار والممالك ييممون البيت الحرام من كل فج عميق بقلوب ملؤها البشر والفرح لا يبالون بما يتحملونه من الآلام والمشاق يقف فيه الحقير والجليل والرفيع والوضيع ويقومون في صعيد واحد لا امتياز لابن أعاظم العظماء عن ابن أفقر الفقراء فيا لله ما أحلى هذه المساواة وما أبهاها وما هي الفائدة يا ترى من اجتماع المسلمين في اليوم خمس مرات وفي كل أسبوع وعام؟
فائدة اجتماعهم في اليوم والأسبوع والعام استماع المواعظ والإرشادات العمومية التي تلقيها الخطباء والوعاظ حسبما يقتضيه الحال والزمان بالتوصية بالمحافظة على الخلافة الإسلامية وبوجوب الانقياد لخليفة الوقت والتحابب والتعاون والتناصر والتعاضد والاعتصام بحبل الله جميعاً والسعي وراء المنافع العامة والنهي عن الانشقاق وتفرقة القلوب والحث على طلب العلوم الدينية والفنية وإحداث الفبارك والصنائع لتجاري أمتهم الأمم الحية في مضمار الرقي والتقدم ومعترك الحياة.
فباجتماعاتهم العمومية السالفة الذكر ينظر الغني إلى الفقير فيحنو عليه ويشكر الله على ما أولاه من جلائل النعم والظالم يرى المظلوم فيرق ويرجمه والقوي يشاهد الضعيف فيعينه على ضعفه شفقة ورحمة ويقفون على أحوال بعضهم فيتأثرون متى سمعوا بمصيبة حلت ببلاد قوم دون آخرين ويهرعون لمؤازرتهم وإنقاذهم من مخالب الأعداء.
كيف لا وهم كالجسم الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى: